بسيرة العقلاء، فان بناء العقلاء قد استقر على كون الظاهر هو المراد الجدي، و كون الداعي إلى التكلم هو بيان الحكم الواقعي. و مورد هذا البناء و موضوعه هو الشك في المراد، و الشك في جهة الصدور، و بعد ورد الدليل الدال على بيان المراد و جهة الصدور لا يبقى شك حتى يعمل بالظهور أو جهة الصدور، فيكون الدليل الحاكم مبينا للمراد من الدليل المحكوم، و مبينا لجهة صدوره، و به يرتفع الشك و لم يبق مورد للعمل بأصالة الظهور أو بأصالة الجهة و هذا هو السر في تقديم الحاكم على المحكوم، من دون ملاحظة النسبة و الترجيح بينهما، بعد إحراز حجية الحاكم. و هذا الكلام جار في كل قرينة متصلة أو منفصلة مع ذيها فانه تقدم القرينة بعد إحراز قرينيتها على ظهور ذي القرينة و ان كان أقوى من ظهور القرينة.
(التنبيه الخامس)
إن لفظ الضرر المذكور في أدلة نفي الضرر موضوع للضرر الواقعي، كما هو الحال في جميع الألفاظ، و لهذا قلنا في محله إن مقتضى الأدلة ثبوت الأحكام للموضوعات الواقعية، من دون تقييد بالعلم و الجهل، غاية الأمر ان الجاهل المستند في مخالفتها إلى الأمارة أو الأصل معذور غير مستحق للعقاب. و اما الأحكام فهي مشتركة بين العالم و الجاهل، و عليه فيكون الميزان في رفع الحكم كونه ضرريا في الواقع، سواء علم به المكلف أم لا، و قد استشكل بذلك في موردين:
(الأول)- تقييد الفقهاء خيار الغبن و العيب بما إذا جهل المغبون. و اما