العقل بقبح تفويت الملاك الملزم في ظرفه بتعجيز النّفس قبل مجيء وقته، كاستقلاله بقبح تعجيز النّفس عن امتثال التكليف الفعلي. و لا فرق في قبح التفويت بحكم العقل بين كونه مستندا إلى العبد، كما تقدم و بين كونه مستندا إلى المولى بترخيصه في ارتكاب الطرف المبتلى به فعلا، و ترخيصه في ارتكاب الطرف الآخر في ظرف الابتلاء، فانه ترخيص في تفويت الملاك التام الملزم، و هو بمنزلة الترخيص في مخالفة التكليف الواصل و عصيانه في حكم العقل.
(التنبيه السابع)
في تحقيق ما ذكروه من عدم تنجيز العلم الإجمالي فيما إذا كانت الأطراف غير محصورة. و توضيح الحال في المقام يستدعي التكلم في مقامين: (الأول)- في تحديد الموضوع و بيان المراد من الشبهة غير المحصورة (الثاني)- في بيان حكمها. أما الكلام في المقام الأول، فهو أنه ذكر لتعريفها وجوه: كثيرة، و نكتفي بذكر ما هو العمدة منها:
(الوجه الأول)- أن غير المحصورة ما يعسر عده. و فيه (أولا)- ان عسر العد لا انضباط له في نفسه من جهة اختلاف الأشخاص و اختلاف زمان العد فالألف يعسر عده في ساعة مثلا، و لا يعسر في يوم أو أكثر، فكيف يمكن أن يكون عسر العد ميزانا للشبهة غير المحصورة. و (ثانيا)- ان تردد شاة واحدة مغصوبة بين شياة البلد التي لا تزيد على الألف مثلا من الشبهة غير المحصورة عندهم، و تردد حبة واحدة مغصوبة بين الف الف حبة مجتمعة في إناء لا تعد من غير المحصورة عندهم، مع أن عد الحبات أعسر بمراتب من عد الشياه