فتحصل أن الصحيح ما ذكره الشيخ (ره) من دلالة الرواية على البراءة و إطلاقها يشمل الشبهات الحكمية و الموضوعية، باعتبار أن مفادها الحكم بحلية الشيء المشكوك في حرمته، سواء كان منشأ الشك عدم تمامية البيان من قبل المولى، كما في الشبهات الحكمية، أو الأمور الخارجية كما في الشبهات الموضوعية.
[الاستدلال على البراءة بالإجماع]
(الثالث)- من الوجوه التي استدل بها على البراءة- هو الإجماع. و تقريبه بوجوه ثلاثة: (الأول)- دعوى اتفاق الأصوليين و الأخباريين على قبح العقاب على مخالفة التكليف غير الواصل إلى المكلف بنفسه و لا بطريقه. و فيه (أولا)- ان هذا الاتفاق و ان كان ثابتا، إلا أنه على أمر عقلي لا على أمر شرعي فرعي، كي يكون إجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.
و (ثانيا)- أن هذا الاتفاق إنما هو على الكبرى، و لا تترتب عليه ثمرة مع عدم ثبوت الصغرى، و لا اتفاق عليها، فان الأخباريين يدعون عدم تحققها و أن الأحكام المجهولة واصلة إلى المكلفين بطريقها، إما مطلقا كما ادعاه المحدث الأسترآبادي، و إما في خصوص الشبهة التحريمية كما عليه المشهور منهم، للروايات الدالة على الاحتياط و التوقف على ما سيجيء التعرض لها إن شاء اللَّه تعالى.
(الثاني)- دعوى الاتفاق على أن الحكم الشرعي المجعول في موارد الجهل بالأحكام الواقعية و عدم وصولها بنفسها و لا بطريقها هو الإباحة و الترخيص و فيه ما ذكرناه في سابقه ثانيا من أن الاتفاق على الكبرى لا يفيد، مع عدم إحراز الصغرى، و لا اتفاق عليها على ما سيجيء و تقدمت الإشارة إليه.
(الثالث)- دعوى الاتفاق على أن الحكم الظاهري المجعول في موارد الجهل بالاحكام الواقعية و عدم وصولها بنفسها هو الإباحة و الترخيص. و هذا الاتفاق لو ثبت لأفاد، و لكنه غير ثابت، كيف و قد ذهب الأخباريون و هم