(الأول)- أن حجية القطع ثابتة ببناء العقلاء إبقاء للنوع و حفظاً للنظام فتكون من القضايا المشهورة باصطلاح المنطقيين، و هذا البناء قد أمضاه الشارع لذلك فيجب اتباعه.
(الثاني)- أن حجيته إنما هي بإلزام من العقل و بحكمه.
(الثالث)- أن حجية القطع من لوازمه العقلية، و اختاره صاحب الكفاية (ره) حيث قال و تأثيره في ذلك لازم و صريح الوجدان به شاهد و حاكم (اما القول الأول)- ففيه أولا- ان حجية القطع و لزوم الحركة على طبقه كانت ثابتة في زمان لم يكن فيه إلا بشر واحد، فلم يكن فيه عقلاء ليتحقق البناء منهم، و لم يكن نوع ليكون العمل بالقطع لحفظه.
و (ثانياً)- ان الأوامر الشرعية ليست بتمامها دخيلة في حفظ النظام، فان أحكام الحدود و القصاص و إن كانت كذلك، و الواجبات المالية و إن أمكنت ان تكون كذلك، إلا ان جلا من العبادات- كوجوب الصلاة التي هي عمود الدين- لا ربط لها بحفظ النظام أصلا.
و (اما القول الثاني) فيرد عليه ان العقل شأنه الإدراك ليس إلا، و أما الإلزام و البعث التشريعي فهو من وظائف المولى. نعم الإنسان يتحرك نحو ما يراه نفعاً له، و يحذر مما يراه ضرراً عليه، و ليس ذلك بإلزام من العقل، بل المنشأ فيه حب النّفس، و لا اختصاص له بالإنسان، بل الحيوان أيضاً بفطرته يحب نفسه و يتحرك إلى ما يراه نفعاً له، و يحذر مما أدرك ضرره. و بالجملة حب النّفس و إن كان يحرك الإنسان إلى ما قطع بنفعه، إلا انه تحريك تكويني لا بعث تشريعي.
فظهر بما ذكرناه ان الصحيح هو القول الثالث، و هو ان حجية القطع من لوازمه العقلية ان العقل يدرك حسن العمل به و قبح مخالفته و يدرك صحة