نام کتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع نویسنده : ابن زهرة جلد : 1 صفحه : 43
بين الذكية والميتة ، ولا يجوز الامتنان بما لا يجوز الانتفاع به لنجاسته ،
وقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ)[١] لا يعارض ما ذكرناه ، لأن اسم الميتة يتناول ما تحله
الحياة ، وهذه الأشياء لا تحلها الحياة ، فلا يحلها الموت.
فأما جلد
الميتة فلا يطهر بالدباغ ، بدليل هذا الإجماع ، وظاهر قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ) ، والمراد الانتفاع بها بأكل أو بيع أو غيرها من التصرف
، واسم الميتة يتناول الجلد قبل الدباغ وبعده ، ونحتج على المخالف بما روى من
طرقهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل موته بشهر : «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» [٢] وقول من قال : إن الجلد لا يسمى إهابا بعد الدباغ خارج
عن اللغة والشرع ، فلا يعتد به.
والخنزير نجس
بلا خلاف.
والكلب نجس بلا
خلاف إلا من مالك [٣] ، ويدل على نجاسته إجماع الطائفة ، ويغسل الإناء من
ولوغه فيه ثلاث مرات ، إحداهن ـ وهي الأولى ـ بالتراب ، بدليل هذا الإجماع ، ونحتج
على المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرات». [٤] وفي خبر آخر : «فليغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا» [٥] وهذا بظاهره أيضا يقتضي وجوب الثلاث ، من حيث لم يجز
عليه الاقتصار على ما دونها ، ولأن لفظة «أو» إما أن تفيد التخيير بين هذه الأعداد
، وتكون كلها واجبة على جهة التخيير ، وإما أن تفيد التخيير بين الاقتصار على
الثلاث التي هي الواجبة ، وبين الزيادة عليها على جهة الندب ، فإذا كان الأول
باطلا بالإجماع ، لم يبق إلا الثاني.