القرائن اللفظية وجدتها في الاكثر كذلك إذ قلما يتفق في الكلام قرينة معينة للمراد صارفة عن الحقيقة وساير المجازات المحتملة عدا المعنى المقصود بل الغالب ان قرينة المجاز اما صارفة عن خصوص الحقيقة أو عنها عن شئ من المجازات وان التعيين انما يستند من اللفظ المصروف عن بعض معانيه ولولا المعنى المراد هو المتبادر من اللفظ بعد الانصراف لامتنعت الدلالة اللفظية في اكثر المجازات الثاني شهرة المجاز المعين وكثرة وقوعه في الكلام وانما الاشتهار سبب للتعيين لعدم انفكاكها عن التبادر الموجب له غالبا أو لان الظن يلحق الشئ بالاعم الاغلب الثالث قوة العلاقة في المجاز وشدة مناسبته مع الحقيقة اما لان شدة المناسبة موجبة لاشهرية الاستعمال في الكلام وكثرة الدوران في المجاورات أو لان قرب المعنى المجازى الى الحقيقي بحيث لا اقرب منه مقتض للانتقال من اللفظ إليه أو لان القرب من الحقيقة يقتضى ترجيح ارادته بنفسه أي باعتبار كونه قريبا لا لكونه مظنة للاشتهار أو مقتضيا للتبادر والانتقال إذ لا ريب في ان القرب من الحقيقة مما يرتفع به التساوى بين المعاني المحتملة وارتفاع المساواة لا يكون الا بالترجيح انتهى ملخصا اقول قد بينا في كتبنا الاصولية اعتبار الوجه الاول من هذه الوجوه الثلثة وكذا الاخيران حيثما اوجبا التبادر واما بدونه فلا وقد اشار السيد الاستاد الى ما في بعض الاخيرين ايضا لولا اعتبار ايجابهما للتبادر واما الوجه الاول فهو تام صحيح وكما ذكره يرجع تعيين اكثر المجازات في الكلمات إليه ومتابعته شايعة في المجاورات معتبرة عند اربابها ومنه تعين صاحب الجمال من القمر أو البدر في قولك رايت قمرا أو بدرا في بيت فلان والبليد من قولك فلان حمار ونحو ذلك وان كان ذلك التبادر مسببا في الغالب من اشتهار الاستعمال في ذلك المجاز وقد يسبب عن عدم ظهور علاقة بين المعنى الحقيقي وبين غير ذلك المجاز ثم مما ذكر يظهر وجه حملهم الامر والنهى المصروفين عن حقيقتيهما على الندب والكراهة لانهما المتبادران عنهما عند تعذر الحقيقة كما صرح به السيد السند المذكور مع انه لو اعتبر الوجهان الاخيران ايضا لكانا جاريين هنا ايضا لان استعمال الامر والنهى في الندب والكراهة شايع كثير حتى قبل ان صيغتي الامر والنهى حقيقة فيهما أو مشتركة بينهما وبين الوجوب والتحريم وعلاقة الندب والكراهة مع الوجوب والحرمة اقوى من علاقتهما مع ساير المحتملات وهما اشد مناسبة معهما من غيرهما (عائدة) ترى الاصوليين والفقهاء يقولون ان حكايات الاحوال تلبس الالفاظ الواقعة فيها ثوب الاجمال ولا يفيد عموما ولا اطلاقا فيقولون انه قضية في واقعة وهو كذلك كما هو في الاصول مبين ومع ذلك تريهم قد يستدلون في بعض الموارد بالحكايات باطلاقها وهو في الكثرة كما في رواية اسحاق بن عمار عن ابى عبد الله (ع) ان رجلين اختصما الى امير المؤمنين (ع) في دابة في ايديهما واقام كل واحد منهما البينة انها نتجت عنده فاحلفهما على (ع) فحلف احدهما وابى الاخران يحلف فقضى بها للحالف فتمسكوا بها في اجراء هذا الحكم في كل واقعة كانت من جزئياتها من غير فرق بين البينتين المتساويتين في العدد وفى العدالة و المختلفتين فيهما أو في احدهما ومن غير تفرقة بين ان يكون اباء الاخر عن الحلف تعنتا أو اجلالا لها وكما في رواية غياث بن ابراهيم عن ابى عبد الله (ع) ان امير المؤمنين (ع) اختصم إليه رجلان في دابة وكلاهما اقاما البينة انه انتجها فقضى بها للذى في يده فاجروا الحكم في كل بينة ايضا تمشكا بها وكذلك في صحيحة ابى بصير عن ابى عبد الله (ع) وفيها وذكر ان عليا (ع) اتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهولاء انهم انتجوها على مذودهم لم يبيعوا ولم يهبوا واقام هؤلاء البينة