هذه صحف لم يُقدَّر لها أن تُنشر قبل اليوم «و الأمور مرهونة بأوقاتها» أملاها سيدي الوالد- (مد ظله) العالي- منذ عهد بعيد لا يقل عن ستة و عشرين عاما يوم كان يدرّس طلابه كتاب أستاذه الأعظم «كفاية الأصول» ذلك الكتاب الّذي توفق كل التوفيق و الّذي عكف عليه طلاب أصول الفقه قراءة و تفهما، و كل ما كان يريده- (مد ظله)- يومئذ أن يشرح كلمات أستاذه، و يكشف القناع عن معمياتها، و لم يشأ أن يعرض لآراء أساتذته الآخرين و غيرهم و مناقشتها الحساب على أنّه- (مد ظله)- لم يظن على قرّائه من إبداء ملاحظاته و مآخذه على الكتاب المذكور و تحقيق ما يراه حقا لا محيد عنه.
أما اليوم و قد آن لهذه الصحف أن تُنشر، فلم يكن في مقدور سيدنا أن ينظر فيها مجددا، نظرا للظروف و الملابسات التي تحيط به من كل جانب و في كل وقت، و لم يكن منه تجاهها سوى الإذن في نشرها، تقريبا لها من الانتفاع، و تبعيداً لها من الضياع. على انها- مع اختصارها- و الاختصار عادة لسيدي- (مد ظله) العالي- في جميع مؤلفاته- حاوية لحقائق الأصول، خالية من كل فضول، و اللَّه سبحانه ولي العصمة و السداد و هو حسبنا و نعم الوكيل.