وجه عدم الورود: أنّ المفروض و المراد من استعمال اللفظ في أكثر من معنى إرادة كلّ من المعنيين أو المعاني مستقلا لا مجتمعا، فلا محالة كان اللفظ مستعملا في كلّ من المعاني بنفسه و مستقلا كما لو لم يستعمل إلّا فيه، و حينئذ فقد اخذ من كلّ من المعاني قيد الوحدة، و كان الأمر كما أفاده المعالم. هذا.
ثمّ إنّه قد يتوهّم دلالة الأخبار الواردة على أنّ للقرآن ظهرا و بطنا، أو أنّ له بطونا [1] على أنّ ألفاظه قد استعملت في هذا الظهر و هذه البطون، فكان استعمالا في أكثر من معنى.
لكن من المعلوم عدم دلالة شيء من هذه الأخبار على أنّ كيفية الأمر في هذه البطون من باب الاستعمال في أكثر من معنى، بل إنّ بعض هذه الأخبار دلّ على أنّ ظهره هو مورد نزول الآيات، و بطنه- ما سيأتي- ممّا هو أيضا مصداق لها كموردها، أو أنّ بطنها و بطونها ما يتجدّد لها من المصاديق في الأزمنة الآتية بعد نزولها، و هي التأويلات التي لها، و من الواضح في مثلها أنّ المستعمل فيه معنى واحد كلّي، مضافا إلى ما في الكفاية [2]: من أنّه لعلّه كان بإرادتها في أنفسها حال استعمال اللفظ في معناه، الى غير ذلك، فانظر الى ما ورد في قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ[3]
الأمر الثالث عشر المشتق
هل المشتق حقيقة في خصوص معنى لا ينطبق إلّا على ما تلبّس بالمبدإ في الحال، أم هو حقيقة في معنى يعمّه و ما انقضى المبدأ عنه؟ فيه خلاف بعد الاتفاق على أنّ إطلاقه على ما لم يتلبّس به بعد مجاز.