نعم، فيما علم من المولى أنّه بحكمه هذا بصدد الاخبار عن عدم وجود عنوان المخصص أيضا، حتى يكون كلامه الواحد اكرم جيراني، بمنزلة أن يقول:
«إكرام جيراني واجب، و جيراني جميعهم أصدقائي» ففي مثله يكون العام الثاني حجّة في من لم يعلم بكونه عدوّا له أو صديقا، و به يحرز و ينقح موضوع العموم الأول، و لكن من أين لنا أمثال هذا الكلام و لا سيما في القضايا الحقيقية المبنى عليها أحكام الشريعة.
و ممّا ذكرنا تعرف ما في ما اختاره في درر الاصول فراجع.
تنبيهات:
الأوّل: ما مرّ من عدم جواز التمسّك بالعامّ و لا المخصّص إنما هو فيما لم يكن أصل موضوعي، و أمّا معه فلا ريب في تنقيح الموضوع به و جواز الرجوع اليه، و لا إشكال فيما كان موضوع المخصص أو العامّ بعد التخصيص ثابتا قبلا متيقنا بحدوده، فإنّه يستصحب و يدخل تحت الدليل، و إنّما الكلام فيما لم يتيقّن به بحدوده سابقا، إمّا لعدم وجوده أصلا كما في المرأة المردّدة في أنّها من قريش أم لا، و إمّا لعدم اتصافه بجميع ما يعتبر في موضوعيته، كما اذا خصص عموم «أكرم العلماء» ب «لا تكرم الفساق» و كان رجل جاهل معلوم العدالة، ثم صار عالما و شكّ في بقاء عدالته.
و لتحقيق المقام لا بدّ أوّلا من البحث عن أنّ التخصيص ما ذا يفعل بالعامّ؟
فنقول: إنّ فيه احتمالات: أحدها- أن يكون شأنه اخراج الأفراد المدلول عليها بالمخصص، من غير تأثير في العام و موضوعه أصلا، بل إنّما يكون التخصيص كموت الفرد، كما هو صريح المقالات، ثانيها- أن يوجب تعنون العام بعنوان واحد وجودي ضدّ لعنوان المخصص كالعدول في المثال، ثالثها- أن يوجب تعنون موضوعه بكلّ عنوان غير مجتمع مع عنوان المخصص، كما هو ظاهر الكفاية،