قال في الكفاية- بعد حكمه بوحدة المعنى في الحرف و الاسم- ما لفظه: (ثمّ لا يبعد أن يكون الاختلاف في الخبر و الإنشاء أيضا كذلك، فيكون الخبر موضوعا ليستعمل في حكاية ثبوت معناه في موطنه، و الإنشاء ليستعمل في قصد تحقّقه و ثبوته و إن اتّفقا في ما استعملا فيه) [1].
أقول: إنّ تنظيره الاختلاف بين الإنشاء و الخبر بالاختلاف الواقع بين الاسم و الحرف، و تصريحه في ذيل الكلام بأنّ الخبر و الإنشاء متّفقان في المستعمل فيه قرينتان على أنّ حكاية الثبوت و قصد التّحقّق المذكورين ليسا من المستعمل فيه، فيكون مراده: استعمال الجملة في معناها الواحد، سواء كان في مقام الحكاية أو قصد التّحقّق.
و هذا الّذي ذكره لا يختصّ بما كان لفظ الخبر و الإنشاء واحدا كما في «بعت» الذي يستعمل في الإخبار و الإنشاء كليهما، بل مقتضى إطلاق كلامه و مقتضى مختاره أنّ الأمر كذلك حتّى في ما كان لكلّ منهما صيغة تخصّه، كما في قولنا:
«لا تعد» و «أعد»، و ذلك أنّه لمّا كان المفروض خروج خصوصيّة الإيجاد و الحكاية عن المستعمل فيه في كليهما، فاذا اخذ من مفادهما كلتا الخصوصيّتين كان الباقي بعدهما في كلتيهما أمرا واحدا، هو نسبة الإعادة الى المخاطب، و يتّحد عليه أيضا معنى «بعت» و «بع» و «تبيع»- مثلا- كما لا يخفى. هذا.
و الإنصاف أنّ الحكاية و الإنشاء مستفادان من نفس الجملتين، و أنّ التبادر القطعيّ يقضي باختلاف معنى الجملتين، فما اختاره ممّا لا يمكن التصديق به قطعا.
و تحقيق المقام: أنّ اصول الجمل الإخبارية ثلاثة:
إمّا أن يكون مفادها الحكاية عن الهوهوية اثباتا أو نفيا، كقولنا: «زيد عالم» أو «ليس زيد عالما».
و إمّا أن يكون مفادها الحكاية عن ثبوت نسبة أو حالة للموضوع أو نفيه،