البراءة أو الاشتغال يظهر ممّا مرّ، و إلّا فلمكان شكّه لا يمكنه إجراء البراءة في خصوص أحد الطّرفين، فإنّ كلّا منهما شبهة مصداقية لأدلّة البراءة لا يمكن التّمسّك بها فيه، فإن أتى بالعمل قبلا: فإن لم يحصل الشرط كان احتياطا، و إن حصل تجري البراءة عن وجوبه بعده و يعلم بأنّ الاشتراط كان مجرى البراءة، كما أنّه إن لم يأت به: فإن حصل الشرط يجب عليه الإتيان، و إلّا يعلم بأنّ الإطلاق كان مجراها، و اللّه العالم بحقائق الامور.
هذا تمام الكلام في الواجب المطلق و المشروط.
2- و منها: تقسيمه الى المعلّق و المنجّز:
و قد أبدى هذا التقسيم صاحب الفصول (قدّس سرّه) و فرّع عليه وجوب المقدمة قبل مجيء وقت العمل بذي المقدمة في الواجب المعلّق و الكلام تارة في مقام ثبوته و إمكانه، و اخرى في أنّه بعد الفراغ عن إمكانه هل التقسيم بحسبه واقع في محلّه؟
أمّا الاولى: فالحقّ ما أفاده (قدّس سرّه) و إمكان الواجب المعلّق
، بل و لزوم وقوعه، و ذلك أنّك قد عرفت في بيان ملاك الوجوب المشروط أنّه كما قد يتوقّف حدوث الحاجة الى شيء و تحقّق المصلحة فيه الى حصول أمر غير حاصل- و هو ملاك اشتراط الوجوب- كذلك قد يكون للشخص- في أفعاله الارادية- كمال الاحتياج الى شرب شيء- مثلا- و هو له في كمال المصلحة، إلّا أن لهذا الفعل قيدا دخيلا في ترتّب مصلحته عليه، و هو ممّا لا يحصل إلّا في المستقبل، كما اذا مرض و احتاج الى شرب المسهل عند الصباح، فقبل حضور هذا الوقت هو في كمال الحاجة اليه، إلّا أنّه موقوف على زمان يتحقّق بعد، و هذا [1] هو ملاك الواجب المعلّق، و لا ريب في أنّ الأمر إذا كان هكذا فالشخص قبل حضور زمان العمل في كمال الشوق و الميل الى هذا الفعل، لا ينقص شوقه و ميله و عزمه عن حين أخذه
[1] هذا هو بيان ملاك الواجب المعلّق على مذاق القوم و إلّا فسيجيء- إن شاء اللّه تعالى- أنّ مراد الفصول اعمّ منه فانتظر (منه عفي عنه).