نعم، هاهنا شيء، و هو: أنّ الطبيعة المأمور بها قد تكون عملا من أعمال المكلّف صادرا عنه بأسبابه من غير أن يكون من قبيل الأعراض لموضوع خارجي، و قد تكون من قبيل خصوصية في موضوع مفروض الوجود.
ففي القسم الأوّل يفهم من إطلاق الصيغة عرفا أنّ تمام مراد المولى و مطلوبه إنّما هو طبيعة هذا العمل، كما إذا قال: «صلّ صلاة الظهر» فتمام مراده نفس طبيعة صلاة الظهر، فلا محالة يحصل امتثاله بالإتيان بفرد واحد منها.
و أمّا القسم الثاني فالمفهوم عرفا أنّ طبيعة هذا الموضوع المفروض الوجود أينما تحقّقت فالمطلوب إيجاد طبيعة هذه الخصوصية فيها، فلا محالة يتعدّد الطلب انحلالا بتعدّد أفراده، كما إذا قال: «أكرم العالم عند لقائه» فإنّ المفهوم منه عرفا مطلوبية إيجاد طبيعة الإكرام كلّما تحقّق في الخارج لقاء العالم، و الظاهر أنّ هذا هو الملاك و السرّ في انفهام البدلية و الشمول في موارد الأوامر فتدبّر جيّدا.
تنبيه على امور: (*)
الأوّل: إذا أتى بالطبيعة المأمور بها- في القسم الأوّل- في ضمن فرد أو أفراد مرّة فهل له أن يأتي بها بعده مرّة ثانية بقصد امتثال الأمر؟ و بالجملة فهل له امتثال الأمر في ضمن فردين أو أفراد طولية، أو لا يجوز و لا يقع الامتثال إلا في ضمن المأتيّ به في المرّة الاولى؟
قد يقال: إنّ إطلاق المادة مقتض لجواز امتثال أمرها في ضمن أكثر من فرد و لو طولا، إذ الطبيعة صادقة على الأكثر كالواحد.
و فيه: أنّ مقتضى الإطلاق أنّ تمام مراد المولى و ما طلب من عبده إنّما هو نفس الطبيعة، فاذا أتى بها مرّة واحدة؛ فقد انطبقت الطبيعة عليه قهرا، و حصل تمام
(*) المقصود بالبحث في هذه الامور: أنّه هل للصيغة إطلاق يشمل هذه الموارد؟ فليس البحث عن الإجزاء، بل عن تعيين المأمور به. (المؤلّف).