إنّه بعد ما مرّ من عدم الدليل على لزوم أن يكون لكلّ علم موضوع مخصوص فلا يصحّ القول بأنّ موضوع علم الاصول هو الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله؛ و إن كنّا لا نعرفه بعنوان خاصّ و لا اسم مخصوص، إلّا أنّه لا بأس بالبحث عن أنّ له مع ذلك موضوعا خاصّا؛ واحدا أو متعدّدا.
فقد قيل بأنّ موضوعه الأدلّة الأربعة- بوصف الدليلية- كما في القوانين [1] أو بذواتها كما فى الفصول [2].
لكنّه يرد عليه ما في الكفاية: من لزوم خروج مباحث الألفاظ و جملة من غيرها عن مسائل العلم؛ [3] لأنّ موضوعها ليس خصوص الكتاب و لا السنة و لا غيرهما من هذه الأربعة و إن كان المهمّ معرفة أحوال خصوصها.
ثمّ إنّ هنا بحثا فرعيا فرضيا هو: أنّ مسألة حجّية خبر الواحد هل هي من مسائل علم الاصول بناء على أن يكون موضوعه الأدلّة الأربعة؟ فقد صرّح المحقّق القمّي في تعليقة له على متنه حين بيّن: أنّ موضوع علم الاصول أدلّة الفقه بخروجها عن مسائل العلم، فقال: (و ما قد يذكر لمثال ذلك [يعني البحث عن عوارض موضوع علم الاصول] بقولهم: الكتاب حجّة و الخبر حجّة لا يرجع الى محصّل، إذ ذلك معنى كونه دليلا، و المفروض أنّا نتكلّم بعد فرض كونها أدلّة، و هو خارج عن الفنّ، و بيانه ليس من علم الاصول كما لا يخفى، بل هو من توابع علم الكلام) [4].
كما صرّح في الفصول بدخولها قائلا: «و أمّا بحثهم عن حجّية الكتاب و خبر الواحد فهو بحث عن الأدلة؛ لأنّ المراد بها ذات الأدلّة، لا هي مع وصف كونها أدلّة» [5].