المادة لنفي اعتباره على الأوّل بخلافه على الثاني؟ ظاهر بل صريح جمع [1] من المشايخ العظام امتناعه لوجوه مذكورة في كلامهم.
و هذه الوجوه بعضها مختصّة: بأخذ القربة قيدا للمأمور به بأمر واحد، و بعض آخر بأخذها فيه و لو كان بأمرين، و نحن نتعرّض لأهمّ هذه الوجوه في الأمر الواحد أوّلا، ثم في الأمرين.
بعض وجوه امتناع الأخذ بإطلاق الهيئة:
أمّا دعوى امتناع أخذها في متعلّق أمر واحد فاستدلّ لها بوجوه:
منها- و لعلّه أسدّها- أنّ المراد بالقربة أن يكون الداعي إلى إتيان المأمور به امتثال أمره، و تقوّم الداعي الى كلّ فعل و إن كان بوجود ذهنيّ نفسانيّ إلّا أنّه لا ريب في أنّ مراد الشارع و المولى اذا يقول: «اغتسل أو صلّ امتثالا لأمره» ليس مجرّد البعث الى الامتثال، و إن لم يكن هنا أمر بالصلاة و الاغتسال، بل إنّ مراده أنّ هنا أمرا قد تعلّق بهما، و بعث المكلّف الى جعله داعيا له الى الإتيان، فلا مجال لقوله إلّا بعد فرض تعلّق أمره بذات العمل.
و من ناحية اخرى: لمّا كان المفروض أنّ لنا أمرا واحدا و هذا الأمر قد تعلّق بالصلاة أو الاغتسال المقيّد أو المركب من قصد الامتثال فذات العمل ليست مأمورا بها، و هذا خلف الفرض، و تناقض في المقال.
أقول: و يمكن تفسير ما في الكفاية به، لا بلزوم الدور حتّى ينكر قصد الامتثال على الوجود الخارجيّ للأمر.
و عليه فلا مجال للإيراد عليه بأنّ المكلّف يقدر على إتيان المأمور به حين العمل، و لا يعتبر من القدرة عقلا أزيد منه، و ذلك أنّ مبنى الدليل لزوم الخلف و المحال، لا عجز العبد عن الامتثال.
[1] منهم المحقق الخراساني في الكفاية: ص 97، و المحقق النائيني في فوائد الاصول: ج 1 ص 152.