و ثالثا: إنّا نأخذ بإطلاق دليل الاستصحاب القانونيّ العامّ؛ من غير النظر إلى المستصحب أو الأمر الشخصيّ، فيستصحب النجاسة، كما يستصحب العدالة و الفسق و الوجود و العدم؛ باعتبار الأثر المترتّب عليها بعد كون النهي ناظرا إلى اعتبار حجّية الاستصحاب على الإطلاق ما لم يقم وجه لصرفه أو لقطع حجّيته.
و رابعا: لا يكون النهي للتحريم، بل هو من قبيل الأمر باتباع الثقة بالضرورة.
تذنيب: حول الأحكام الوضعيّة و بيان ماهيّتها
كان الأولى أن لا يتعرّضوا لمسألة الوضعيّات المنتهية أحيانا إلى الفلسفة العليا؛ كي لا يظهر أنّ العالم الاصوليّ أجنبيّ عنها، كما لا يخفى إلّا على من شذّ و ندر.
كما أنّ علم الاصول من العلوم الاعتباريّة البعيدة عن المسائل العقليّة بمراحل جدّا، حتّى أنّ تعبير الفيلسوف أحيانا عن بعض الامور بالاعتبار، يرجع إلى قصوره في الفلسفة، كما ترى في تعبير العلّامة السبزواريّ في «منظومته» عند قوله:
مخلوطة، مطلقة، مجرّدة* * * عند اعتبارات عليها موردة [1]
فإنّه العبرة لذوي العقول عن البعد بين العلمين، و كي لا يقعوا في حيص و بيص، و لا يفهم طالب الفلسفة قصور الاصوليّ عن تلك الحقائق العينيّة.
و قد أوضحنا في «القواعد الحكميّة» [2] حديث المعقولات الثانية التي جاءت بمعنى ثان، كالإمكان، و الشيئيّة؛ و أنّه لا واقعيّة لها، و أنّ الخلط بين المسائل اللغويّة