له [1]، و أخذها بعض المعاصرين مذعنا بأنّ هذا إشكال على مباحث الاصول [2].
و الإنصاف: أنّه من الغريب؛ ضرورة أنّ النجاسة و الطهارة إذا كانتا معلومتين، فحكمهما معلومان، و إذا كانتا مجهولتين، فالحلّية و الحرمة مشكوكتان؛ لأنّ الشكّ فيهما من الشكّ في جواز الأكل تكليفا، و جواز الصلاة وضعا، فيتمسّك بقاعدة الحلّ، فعليه يرجع الشكّ فيهما إلى الشكّ في التكليف، و إلّا فالنجاسة و الطهارة بما هما لا أثر لهما، أو يرجع الشكّ فيهما إلى المكلّف به، فلا يكون خارجا عن البحوث الاصوليّة.
نعم، في موارد الشكّ في الطهارة و النجاسة، تكون قاعدة شرعيّة إلهيّة حاكمة على أصالة الحلّ، من غير احتياج إليها حتّى في مورد؛ لأنّ في جميع موارد تلك القاعدة، تكون قاعدة البراءة دافعة و مرجعا، فاغتنم.
الأمر الثاني: في أنّه لا مناسبة لذكر الحكومة و أنحائها هنا
سيمرّ عليك تحقيق حقيقة الحكومة و أقسامها في بحوث التعادل و الترجيح [3]، و البحث عن هذه المسألة هنا، أيضا من الخلط بين ما هو شأن الباحث الاصوليّ، و بين ما هو وظيفة المكلّفين، فإنّ وظيفة المكلّف عدم الرجوع إلى الاصول مع وجود الأمارة على خلافها، و أمّا الباحث الاصوليّ فلا يلزم أن يلاحظ تقدّم الأمارات على الاصول في مبحث تنقيح مفاد الاصول و مجاريها؛ لأنّ البحث مجرّد فرض، و يكون نظره إلى تنقيح مفاد أدلّة الاصول و مصبّها و موضوعها، سواء كان هو متعبّدا معتقدا بأساس المذهب، أم لم يكن، و سواء كان شاكّا، أو غير شاك.