قد تصوّروا صورا عديدة؛ من تقدّم الاضطرار على التكليف و العلم به، و وقوعه بين التكليف و العلم به، و تأخّره عنهما، و مقارنته لأحدهما، أو كليهما.
و على كل تقدير: إمّا يضطرّ إلى المعيّن، أو إلى غير المعيّن. و أمّا الاضطرار في الشبهات الوجوبيّة إلى الترك، فلا معنى صحيح له، فما يظهر من «الكفاية» [1] في غير محلّه.
و على كلّ: إمّا يكون المضطرّ إليه حكما نفسيّا، أو شرطيّا و غيريا، كما إذا اضطرّ إلى لبس أحد الثوبين المعلوم نجاسة واحد منهما، فإنّه هل يجوز لبس الآخر في الصلاة، أم لا، أو فيه تفصيل؟
و الذي يظهر لي: أنّ تقدّم الاضطرار على التكليف تارة، و على العلم به اخرى [2]، لا يرجع إلى محصّل؛ لأنّ التكليف بمعناه الكلّي- و هو وجوب الاجتناب عن النجس في شرع الإسلام- معلوم، و عن ملاقيه أيضا معلوم بنحو كلّي، و عن الملاقيات الموجودة في محلّ الابتلاء أيضا معلوم.
و ليس مرادهم من تقدّم الاضطرار على التكليف دون العلم، هذا العلم الكلّي، بل مقصودهم هو التكليف الفعليّ تارة، و المنجّز اخرى، مع أنّ التكليف الفعليّ على العناوين الكلّية معلوم، و إذا بلغ الكلام إلى الخارج و المتشخّص المعلوم تعلّق النهي بالإناء الخاصّ، فلا يبقى وجه حينئذ لتقدّم الاضطرار على التكليف تارة، و على العلم به اخرى، أو وقوعه بين التكليف و العلم به.
و بعبارة اخرى: لا معنى للتقدّم و التأخّر الجزئيّين حسب حال المكلّف إلّا بلحاظ ما يطرأ عليه من العلم و الاضطرار، و أمّا التكليف فهو محفوظ دائما على