الطرف الآخر، و هكذا يمتنع أن ينجّز الطرفين، و يكفي امتثال المعيّن، و كأنّ هذا من تبعات القول بالاحتياط هنا من جهة العلم الإجماليّ [1]، فافهم و لا تخلط.
و أسوأ حالا ممّا مرّ دعوى: أنّه لو اكتفى بالمعيّن فلا شكّ في البقاء، و لو أتى بالطرف المشكوك وجوبه يشكّ في البقاء بعد العلم بأصل التكليف، و نتيجة ذلك أوّلا: كشف لزوم الاحتياط بإتيان الطرف المعلوم، و ثانيا: أنّ مقتضى الاستصحاب لزوم الإتيان بالطرف الآخر.
و غير خفيّ أيضا: أنّ كشف لزوم الاحتياط ممنوع؛ لأنّ العقل لا يجد إلّا تماميّة الحجّة بالنسبة إلى الوجوب التعيينيّ أو التخييريّ، و أمّا تماميّة الحجّة بالنسبة إلى أحد الأطراف معيّنا، فممنوع كما مرّ، فالطرف الآخر و لو كان مشكوك الوجوب، و لكنّه لا يستلزم كون الحجّة تامّة بالقياس إلى الطرف الآخر؛ لأنّه مشكوك وجوبه شرعا، و لازم عقلا إتيانه عند ترك الطرف الآخر بالضرورة.
و أمّا الاستصحاب، فما هو المتيقّن هو الجامع الانتزاعيّ من الوجوبين، فلا تغفل. مع أنّ البراءة الشرعيّة لو كانت جارية، تمنع عن الشكّ الاستصحابيّ، و تفصيله في الأقلّ و الأكثر.
تقريبنا للزوم الاحتياط في المقام
بقي كلام و تقريب ثالث لنا للاحتياط: و هو أنّ وجوب الطرف مرفوع بحديث الرفع، و لا يجري الحديث في ذاك الطرف المحتمل تعيّنه، فلا تتعارض البراءتان الشرعيّتان، و لا يثبت الوجوب التعيينيّ؛ لأنّ رفع الوجوب عن الطرف المشكوك يثبت بالنسبة إلى كون هذا الطرف تعيينا، فلا يرفع به إلّا رفع تبعات التكليف، و هو المطلوب.