الزجر عن الطبيعة؛ بوجه لا مزيد عليه في محلّه [1]، و لا تشتغل الذمّة بشيء يعبّر عنه ب «العدم المطلق، و ترك الطبيعة» من غير فرق بين تخيّل كون الاشتغال مدلولا التزاميّا، أو مطابقيّا، على خلاف فيه، و إلّا يلزم الحاجة إلى القول: بأنّ استحقاق العقوبة على العصيان؛ لأجل التخلّف عن درك عقليّ، لا عن حكم شرعيّ؛ فإنّه لو كانت الذمّة مشغولة، فالعقل يدرك فراغه و استحقاق العقوبة على ترك الفراغ، و هذا بالضرورة بعيد عن الواقع.
مع أنّ النهي و صيغته قائمان مقام الزجر التكوينيّ الحاصل من الإشارة، فلا يوجب اعتبار شيء في الذمّة، فالقول بالبراءة متعيّن.
بقي بحث: حول الاستدلال بأنّ ترك الطبيعة بترك جميع الأفراد
ربّما يستدلّ على الاشتغال: بأنّ ترك الطبيعة بترك جميع الأفراد [2].
و اجيب: «بأنّ ترك الطبيعة كإيجاد الطبيعة، و كما أنّ إيجادها بإيجاد المهملة، كذلك في ناحية الترك، و لا معنى لما اشتهر: «من أنّ ترك الطبيعة بترك المطلقة» و لو كان هذا قاعدة يستدلّ بها في الكتب العقليّة، فهي عقلائيّة، لا عقليّة صرفة؛ ضرورة أنّ الطبيعيّ تمام حقيقة الإنسان، فبوجوده يوجد تمام الطبيعة، و بعدمه ينعدم تمام الطبيعة» هذا ما أفاده الوالد المحقّق- مدّ ظلّه- [3].
أقول أوّلا: لو كان الأمر كما تحرّر، للزم في موارد النهي عن نفس الطبيعة، كفاية تركها في زمان ما؛ لأنّ عدمها عدم تلك الطبيعة، و لا فرق بين إعدام الطبيعة الموجودة، و بين سدّ وجودها بإطالة العدم المطلق، فإيجاد متعلّق الأمر بنفس
[1]- تقدّم في الجزء الثاني: 83، و في الجزء الرابع: 92.