نعم، لو اقتضى الطريق أنّ ما هو مؤدّاه، هو المقدار المعلوم، و تكون حجّية الطرق معناها اعتبار محرزيّتها تعبّدا؛ و إثباتا لما هو المقدار المستحقّ عليه العقاب، كما لو كان هو الواقع تكوينا، كان لرفع أثر العلم وجه واضح. إلّا أنّ إثبات ذلك غير ممكن؛ لما لا دليل على ذلك، كما تحرّر في محلّه [1] فتأمّل، فما نسب إلى العلّامة النائينيّ في المقام [2] غير تامّ.
الشبهة الثالثة:
قضيّة العلم الإجماليّ ممنوعيّة جريان البراءة العقليّة و العقلائيّة، دون الشرعيّة، و هي تكفينا.
و فيه ما مرّ: من أنّ الأظهر من بين المحتملات في أخبار البراءة، هو كون العلم- الذي يكون غاية أو قيدا- هو الحجّة و الدليل الأعمّ من العقليّ و اللفظيّ، فتكون البراءة النقليّة أيضا ممنوعة؛ لحكم العقل بالاحتياط، و هو الحجّة [3].
نعم، لا بأس ثبوتا بترخيص الشرع عندنا حتّى في جميع الأطراف، كما مرّ و يأتي في الاشتغال [4]، إلّا أنّه يمكن دعوى: أنّه لم يثبت الترخيص إلّا في موارد عدم قيام الحجّة الأعمّ من النقليّة و العقليّة.
الشبهة الرابعة:
ربّما يوجد في بعض التعاليق؛ أنّ التنجيز المستند إلى العلم الإجماليّ من الأوّل، لا يبقى بعد قيام المنجّز على حرمة الكذب مثلا بعنوانه؛ ضرورة أنّ الخاصّ بما هو خاصّ، ليس متنجّزا بذلك العلم، بل هو يتنجّز بالطريق القائم عليه، فعلى هذا لا وجه لاستناد تنجّز الواقعيّات إليه، حتّى يقال بالاحتياط فيما وراء الطرق.