هذا مع أنه لا فرق بين الظن على الكشف و على الحكومة، فإن الظن الموجود في أطراف العلم، هو مرتبة من العلم الموجود في البين، فيكون تنجيز الحكم في أحد الطرفين بمرتبة من العلم، و في الطرف الآخر بمرتبة أخرى من العلم الإجمالي، فعليه يتعين المظنون مطلقا، فتأمل.
ثم إن المدرك للزوم الامتثال هو العقل، و لا يدل إلا على لزوم الأمن من العقاب، و تبعات ترك التكليف المنجز، و عليه فتوهم لزوم المظنون و لو كان الظن غير حجة، بدعوى بناء العرف و العقلاء عليه، و هو مقتضى الفطرة السليمة [1]، ليس في محله كما لا يخفى.
الخلاف حول مراتب الامتثالين التفصيليّ و الإجمالي
ثم إنه قد اختلفوا في مراتب التفصيليّ العلمي و الإجمالي العلمي- و إن لم يخل بشرائط الواجب- على قولين [2] و لو صح هذا الخلاف لكان المتعين دعوى:
أن مراتب الامتثال أكثر مما تصوروه، و ذلك لأن الامتثال العلمي الوجداني، في طول الامتثال التفصيليّ المستند إلى الطرق و الأمارات، و هكذا ما هو المستند إلى بعض منها مقدم على المستند إلى بعض آخر.
مثلا: إذا كان يتمكن من العلم التفصيليّ الوجداني بصلاة الجمعة يتعين، و إذا كان متمكنا من التفصيليّ العلمي كالإخبار، فيتعين عليه الرجوع إليه، و إذا كان
[2]- فمنهم من التزم بالطولية بين المرتبتين كما في فوائد الأصول (تقريرات المحقق النائيني) الكاظمي 3: 72- 73، و منهم من التزم بالعرضية بينها كما في نهاية الأفكار 3: 53 و تهذيب الأصول 2: 56- 57.