أو لأجل أن الجمع بين اللحاظين و لو كانا اسميين، غير ممكن، و لو كانت أدلة اعتبارها في مقام تنفيذها و تنزيلها مقام القطع، يلزم كونهما ملحوظين معا [2].
و هذا الّذي أفاده يورث امتناعه، من غير فرق بين كون القطع جزء الموضوع، كما في مفروض بحثنا، أو كونه تمام الموضوع، كما لا فرق بين كونه مأخوذا على الطريقية، و الصفتية، و من هنا يظهر: أن نظره من «الآلي» ليس معنى حرفيا واقعيا.
و بالجملة: إنه (قدّس سرّه) لا يقول بامتناع قيام الأمارات و الأصول المحرزة مقام القطع، بل يدعي أن الدليل الواحد، لا يتمكن من إفادة الحجية و التنزيل معا، و لا بتعدد الأدلة من هذه الجهة، فالتنزيل ممنوع إلا مع قيام القرينة.
و هذا لا يورث إجمال الأدلة، لظهوره في جعل الحجية بدوا، و لو كان بين جعل الحجية و التنزيل جامع لقلنا به، و إنما الشأن عدم وجود الجامع، ضرورة أن النّظر في جعل الحجية إلى المؤدى- بالفتح- و في التنزيل إلى المؤدي- بالكسر- فتدبر، و من هنا يظهر: أن ما في «تهذيب الأصول» نقلا عنه [3]، غير تام.
أقول: هنا وجهان لحل هذه المشكلة العامة:
الوجه الأول: أن القطع المأخوذ في الدليل على وجه الكاشفية، و يكون موضوعيا طريقيا، جزء كان، أو كلا، مرجعه إلى أن ما هو المأخوذ، هو القطع بما هو محرز و كاشف، فدليل حجية الأمارات و الأصول المحرزة، إذا كان مفاده إلحاقها بالقطع في الأمارية و الكاشفية، أو كان مفاده إمضاء ما عليه العقلاء و بنائهم- و هي الطريقية و المنجزية- لأجل الكشف النوعيّ، يكون حاكما على الدليل المأخوذ فيه