و ربما يشكل؛ من أجل أنّ دليل الطبيعة إن كان له الإطلاق، فنتيجة الإطلاق هي مطلوبيّة الطبيعة فقط، و تكون الطبيعة تمام الموضوع، فعند ذلك لا يعقل كشف تعدد المطلوب؛ لأنّ دليل القيد و الجزء و إن كان له الإهمال، و لكنّه يورث التقييد طبعا، و يكون إثبات المطلوبية خارج الوقت بلا وجه.
نعم، إذا كان مفاد إطلاق دليل الطبيعة، مطلوبيّتها في كلّ وقت، أو كان دليل الطبيعة له العموم الأزمانيّ، فالتقييد المزبور لا يورث سقوط دليل الطبيعة عن إثبات المطلوبيّة خارج الوقت.
و ممّا ذكرناه في هذا المقام، يظهر مواقف الخلط و الاشتباه في كلمات الأصحاب- رضي اللَّه عنهم- و لو شئنا الإيماء إليها لطال الكلام، مع أنّه خروج عن وضع الكتاب، و اللَّه الهادي إلى الصواب.
و بالجملة تحصّل: أنّه في محلّ النزاع لا معنى لاختلافهم؛ لوضوح المسألة حسب العقل و العرف. و فيما فرضناه من فرض تعدد المطلوب لاقتضاء دليل الطبيعة- جمعا بينه و بين دليل القيد، فيكون التقييد مخصوصا بحال دون حال- فلا معنى أيضا للخلاف فيه، فرجع الخلاف بين الأعلام في المقام إلى عدم تحرير مصبّ الكلام و محطّ النفي و الإثبات.
و غير خفيّ: أنّ من الممكن دعوى استفادة تعدّد المطلوب حتّى مع القيد المتّصل، كما اشتهر ذلك في المندوبات [1].