قد اشتهر عن النحاة؛ أنّ هيئة الفعلين الماضي و المضارع، تدلّ على صدور الفعل من الفاعل؛ أو اتصاف الفاعل بالفعل في الزمان الماضي، و هيئة المضارع تدلّ على صدوره في الزمان المستقبل، أو اتصافه به فيه [1].
و المشهور بين المتأخّرين من الأُصوليّين، خلوّ الأفعال طُرّاً من الدلالة على الزمان [2]، و هذا واضح في الأمر و النهي، و التفكيك بين الفعلين الماضي و المضارع و بين الأمر و النهي، خلاف الذوق، فتكون الأفعال كلّها خالية منه.
و ربّما يقال: برجوع مقالة النحاة إليها؛ لعدم دلالة كلماتهم إلاّ على أنّ الأفعال تدلّ على المعاني مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة، و لفظة «الاقتران به» ربّما تدلّ على أنّهم أرادوا خروج الزمان عن المداليل المطابقيّة، و يكون من الدلالة الالتزاميّة [3].
و هذا يختصّ بالأفعال المسندة إلى الزمان، فلا يلزم على قولهم أيضا مجازيّة في إسنادها إلى المجرّدات و نفس الزمان.
و أمّا ما في «الكفاية» من تأييد المسألة «بأنّ المضارع مشترك معنويّ بين الحال و الاستقبال، و لا معنى له إلاّ أن يكون له خصوص معنى صحّ انطباقه على كلّ منهما، لا أنّه يدلّ على مفهوم زمان يعمّهما» [4] انتهى.
و يدلّ على الاشتراك المعنويّ صحّة قولنا: «زيد يضرب حالاً و غداً» من غير الحاجة إلى الالتزام باستعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد.
[1]- شرح الكافية 2: 223، شرح ابن عقيل 1: 557، البهجة المرضيّة 1: 196.
[2]- كفاية الأُصول: 59، نهاية الأفكار 1: 126، محاضرات في أُصول الفقه 1: 233- 234.