و بعدها شرع بدراسة العلوم الأخرى فقها و أصولا، رجالا و حديثا، فلسفة و عرفانا. استطاع بذكائه الوقاد و مثابرته الجادة أن يلم بهذه العلوم العميقة الدقيقة في فترة قياسية وجيزة.
درس العديد من الكتب الدراسية العالية و كان موضع تقدير و حفاوة فائقين من طلابه و مريديه، و قد غذاهم بعصارة روحه و خالص أفكاره. و قد أنهى في 0 مدينة قم المقدسة دورة أصولية مختصرة و لما يبلغ الثالثة و الثلاثين من عمره المبارك.
و أما في النجف الأشرف فقد ألقى سماحته دورة أصولية مفصلة، نقد فيها آراء المحققين، و أبدى فيها آراءه الفذة و تحقيقاته البكر، مما يدل على نضج علمي و إبداع فكري مبكرين.
هذا، مضافا إلى دروسه الموسعة في الفقه و التفسير التي كانت مثارا للدهشة في العمق و السعة و الاستيعاب.
و مهما بالغنا في تمجيده و إطرائه فلسنا بالغين شأو ما قاله فيه والده المقدس الإمام الراحل طاب ثراه حيث قال في حق ولده حين بلغ الخامسة و الثلاثين: «إن مصطفى أفضل مني حينما كنت في سنه»، هذا، مع أن الإمام (قدس سره) بلغ ما بلغ من تعلم أصول العلوم و فرغ منها في هذا السن، و هذه شهادة منه (قدس سره) على اجتهاد ولده في شتى العلوم المتعارفة، أصولا و فروعا، معقولا و منقولا.
و كان من خصائص سيدنا الشهيد ذكاؤه المفرط و دقته النافذة و حافظته المتميزة، فقد كتب رسالة «لا ضرر» و هو في السجن لا يتملك من المصادر غير ما في خزانة نفسه، و كتب بحث «الواجبات في الصلاة» و هو في منفاه في تركيا، و لم