نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 2 صفحه : 181
نعم ، قد يدرك العقل بنفسه في بعض الموارد قبح التكليف ، وأنه ظلم ينزه عنه تعالى ، كالتكليف واقعا بما لا يطاق ، وظاهرا مع الجهل المطلق لا عن تقصير حتى بوجوب الاحتياط ، الذي هو مرجع البراءة العقلية . وذلك ينفع في معرفة حدود التكليف الشرعي الواقعية ، ومعرفة الوظيفة الظاهرية العملية . الا أن ذلك خارج عن محل كلامنا ، للتسالم على عدم التكليف بما لا يطاق ، بنحو لا يهتم باثباته من طريق الملازمة ، ولعدم نهوض البراءة العقلية بمعرفة الحكم الواقعي ، لتكون من الأدلة التي هي مورد البحث ، وانما هي أصل عملي يبحث عنه في محل آخر . نعم ، يتجه دخولها في محل الكلام لو كان المراد من الأدلة ما يعم دليل الوظيفة الظاهرية العملية . ولعله لذا خص بعضهم دليل العقل بالبراءة الأصلية . بقى شئ ، وهو أن صاحب الفصول وان نفى الملازمة الواقعية بين حكم العقلي بحسن الشئ أو قبحه وحكم الشرع على طبقه ، كما تقدم ، الا أنه ذهب إلى الملازمة بينهما ظاهرا ، بمعنى أنه يبنى ظاهرا على حكم الشرع بما حكم به العقل ما لم يثبت خلافه من قبل الشارع الأقدس . مستدلا على ذلك بوجهين : أولهما : اطلاق الآيات المتقدمة . ثانيهما : أن العقل بعد أن يدرك مقتضى الحكم لا يعتد باحتمال المانع . لكن الوجه الأول حيث لا يرجع لحكم العقل ، بل لظهور الأدلة النقلية فهو خارج عن مورد البحث ، ولا يسعنا إطالة الكلام في ذلك ، لان نتيجته أحكاما فرعية لا قاعدة أصولية ، ولعدم اختصاص الأدلة المناسبة بالآيات المذكورة ، واستقصاء الكلام في جميعها وفى مقتضى الجمع بينها في أنفسها وبينها وبين غيرها يحتاج إلى جهد كثير ووقت طويل .
نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 2 صفحه : 181