انه على كل حال دليل على ان التقية يسد الأبواب على العدو، لا باب المضرة فقط
بل باب التعيير و اللوم و غيرهما، فهو الحصن الحصين الذي لا يقدرون ظهورها و لا
يستطيعون له نقبا.
و يكون فيها أيضا نجاة و صيانة للأئمة عليهم السّلام عن سفلة الرعية التي قد
بدت البغضاء من أفواههم و ما تخفى صدورهم أكبر، فمعها لا يجدون عذرا الى نيل
الاعراض و هتك الحرمة كما ورد في رواية «المجالس» عن الامام على بن محمد عن آبائه
(عليهم السلام) قال: قال الصادق عليه السّلام «ليس منا من لم يلزم التقية و يصوننا
عن سفلة الرعية» [1]
2- أقسام التقية و غاياتها
و قد يتبين مما ذكر ان غاية التقية لا تنحصر في حفظ الأنفس و دفع الخطر عنها
أو عن ما يتعلق بها من الاعراض و الأموال، بل قد يكون ذلك لحفظ وحدة المسلمين و
جلب المحبة و دفع الضغائن فيما ليس هناك دواع مهمة إلى إظهار العقيدة و الدفاع
عنها.
كما انه قد يكون لمصالح آخر، من تبليغ الرسالة بنحو أحسن كما في قصة إبراهيم و
احتجاجه على عبدة الأصنام، أو مصلحة أخرى كما في قصة يوسف مع إخوته.
فهي- بمعناها الوسيع- تكون على أقسام: التقية الخوفى، و التقية التحبيبى، و
التقية لمصالح أخر مختلفة.
[1] الحديث 27 من الباب 24 من أبواب
الأمر بالمعروف.