الدليلين فقط
و ما الداعي إلى إخراج هذه المسائل المهمة عن علم الأصول؟ و يتلوه في الضعف قول من
يرى دخول مباحث الألفاظ طرأ في مبادي هذا العلم، مع انها تقرب من نصف مسائل الأصول
و لا يرى اى فرق بينها و بين غيرها من مسائلها فيما يرام من اهدافه فالحق ان تصحيح
التعاريف التي ذكروها للأصول أهون من ارتكاب التفكيك بين تلك المسائل.
و التعريف
الجامع بين عامة تلك المسائل و ما أشبهها، الحاكي عن الوحدة التي تتضمنها، هو ان
يقال: «ان مسائل الأصول هي القواعد العامة الممهدة لحاجة الفقيه إليها في تشخيص
الوظائف الكلية للمكلفين» فالمسائل الأصولية تمتاز عن غيرها من المسائل الفقهية و
القواعد الفقهية و سائر العلوم بأمور:
أولها- انها
ممهدة لحاجة الفقيه إليها في تشخيص وظائف المكلفين، و لهذا تمتاز عن العلوم
الأدبية و أمثالها التي لا يستغنى عنها الفقيه، حيث لم تمهد لذلك كما انه يعلم منه
ان البحث عن صيغة الأمر و مادتها و كذا المشتق و أمثاله أبحاث أصولية و ان كانت
تشبه الأبحاث اللغوية و الأدبية، لأنها مهدت لحاجة الفقيه إليها.
ثانيها- ان
نتائجها أحكام و وظائف كلية، فالبحث عن حجية الاستصحاب في الشبهات الموضوعية و كذا
البراءة و الاحتياط الجاريتان فيها و ما شاكلها ليست ابحاثا أصولية لان نتائجها
أحكام و وظائف شخصية.
ثالثها- انها
لا تختص بباب دون باب و بموضوع معين دون آخر، بل تشمل جميع الموضوعات في جميع
أبواب الفقه، مهما و جدلها مصداق، فان البحث عن هيئة الأمر و مادته و أبحاث العموم
و الخصوص و كذلك أبحاث الأدلة الاجتهادية و الأصول العملية و احكام التعارض و
غيرها لا يختص بموضوع دون آخر و بباب من أبواب الفقه دون باب و بهذا تمتاز عن
القواعد الفقهية كما سيأتي شرحه إنشاء اللَّه و مما ذكرنا تعرف انه ليس من شرط
المسألة الأصولية الوقوع في طريق استنباط الحكم، كما يظهر من غير واحد من الاعلام،
و ذلك لان البحث في كثير من مسائله بحث عن نفس الحكم الشرعي لا عما يقع في طريق استنباطه،
كالبحث عن