و هذه القاعدة أيضا من أشهر القواعد الفقهية المتداولة بينهم، يتمسك بها في جل
أبواب الفقه أو كلها و قد عنونها كثير منهم بعنوان «أصالة الصحة في فعل الغير» و
ظاهره عدم جواز تمسك المكلف بها لإثبات صحة أفعال نفسه عند الشك فيها، بل صرح
بعضهم- كالمحقق النائيني- باختصاصها بفعل الغير و ان المتبع في أفعال شخص المكلف
هو «قاعدة الفراغ، لا غير؛ و ستعرف في «المقام الثالث» إنشاء اللّه عدم صحة هذه
الدعوى و لزوم تعميم القاعدة لأفعال المكلف نفسه، و لذا نجعل عنوان بحثنا «أصالة
الصحة في الأفعال الصادرة من الغير أو من النفس» و ان كان بعض الأدلة يختص بالقسم
الأول منه كما ان تقييد عنوان البحث بقيد «أفعال المسلم» كما يتراءى من بعض بلا
وجه و لذا أسقطناه منه.
ثمَّ اعلم ان هنا ابحاثا تقع في مقامات:
المقام الأول في مدرك القاعدة
و استدل لها بالأدلة الأربعة و لكن عمدتها- كما ستعرف- هو الإجماع العملي و
السيرة المستمرة المتداولة بين العقلاء و الاستقراء، و لذا لم يتعرض غير واحد من
الاعلام لما استدل له من الكتاب و السنة، لعدم دلالتهما عليها. و لكن لما كان في
ذكرها بعض الفوائد نشير إليها على سبيل الاجمال و الاختصار، و قبل البحث عنها لا
بد لنا من تقديم أمر ينفعنا في تحقيق حال تلك الأدلة و هو: