و ثالثها: أن التصرف في المال إنما هو مستند إلى عموم (الناس مسلطون على أموالهم [1] و نحو ذلك
، و يمكن منع شمول ذلك للسفيه، فإن المتبادر من (الناس) أشخاص مصلحون لأموالهم، فلا يشمل السفيه.
و رابعها: أنا نعلم أن عجز الصبي الغير البالغ و المجنون إنما هو لعدم كمال العقل
الموجب لإصلاح المال، و هو موجود في السفيه أيضا، فإنه ناقص العقل، فينبغي أن يحجر عليه كما يحجر على الصبي و المجنون.
و خامسها: أن من المعلوم من الشرع كونه لحفظ النفس و المال و النسب
، و لا ريب أن تسليط السفيه على ماله تضييع للمال، و هو خلاف ما جعل له الشرع، فينبغي الحجر عليه حفظا له.
و سادسها: ظواهر الآيات الشريفة [دل على عدم دفع المال مع عدم معلومية الرشد]
، كقوله تعالى فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ[2] فإنه دل على عدم دفع المال مع عدم معلومية الرشد. و اختصاصه باليتامى غير قادح بعد عدم القول بالفصل و وروده مورد الغالب من كون مال اليتيم في يد غيره فيدفع إليه بعد رشده، بخلاف غير اليتيم. و حمل الرشد فيه على البلوغ خلاف ظاهر اللفظ و خلاف مقتضى سياق الآية، فإن البلوغ هو بلوغ النكاح، و هو مذكور في الآية قبل ذلك. و كقوله تعالى وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ قِيٰاماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيهٰا وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً[3] و هذه الآية محتملة لمعنيين: أحدهما: أن يراد ب (أموالكم) أموال السفهاء لا أموال الأولياء، و هو الذي نسب إلى أكثر المفسرين، نظرا إلى أنه لو لم يكن كذلك لزم وجوب إنفاق السفهاء