و ثالثها: القول بحجية البينة مطلقا إلا فيما دل الدليل على اعتبار الزائد
. و المراد بالبينة: شهادة العدلين، و هذا هو الذي يظهر من كلمة الأصحاب في سائر الأبواب، و عليه مشايخنا المعاصرون.
و الوجه في عموم حجيتها إلا فيما خرج يمكن أن يكون أمورا:
أحدها: الإجماع المحصل
من كلمة الأصحاب على هذا المعنى من دون نكير منهم في ذلك، و يتحصل هذا الإجماع من كلامهم من جهات: منها: أنهم في كل موضوع من الموضوعات كالطهارة و النجاسة، و الأوقات، و القبلة، و كافة العقود و الإيقاعات، و أسباب التحريم في النكاح من رضاع و نحوه، و أسباب الفسخ من عيب و غيره، و أسباب الضمان من إتلاف أو غصب أو جناية، و نحو ذلك إلى ما شاء الله تعالى، كلها يحكمون بحجية البينة من دون إنكار و لا تردد، إلا من شذ منهم في مثل مسألة النجاسة و الوقت، كما لا يخفى على المتتبع في كلامهم. و منها: أن في مقامات ذكرهم للثبوت بالبينة يعللون بأنها حجة شرعية و أنها قائمة مقام العلم، و يترددون غالبا في قبول خبر العدل الواحد، و هذا التعليل منهم دال على بنائهم على حجيتها، إلا فيما دل الدليل على خلافه. و منها: أنه لا ريب في عدم كون أكثر هذه المقامات التي يعتمدون فيها على البينة منصوصا بالخصوص، و مع ذلك يحكمون به من دون اعتراض أحد منهم في ذلك. و بالجملة: فظهور هذا الإجماع من كلامهم واضح لمن تدبر.
و ثانيها: منقول الإجماع على حجيتها مطلقا
في لسان بعض الأصحاب، بل الظاهر أنه بالغ حد الاستفاضة، و جماعة من مشايخنا المعاصرين صرحوا بالإجماع على ذلك، و هو الحجة، مع أن إرسال الأصحاب هذه المسألة إرسال