موقوفا على أمر متأخر، و يجيء تحقيقه في باب التعليق إن شاء الله تعالى. و لا ريب أن المكره كالهازل قاصد للفظ دون المعنى، فكيف يصح عقد المكره بلحوق الرضا و لا يصح عقد الهازل و إن رضي بعد ذلك و أجاز؟ و هذا الأشكال مما ذكره شيخنا الشهيد الثاني (قدّس سرّه) في شرحي الشرائع و اللمعة [1] و لم يتخلص عنه. و لكن الأشكال غير وارد و الجواب بين و الأمر سهل، إلا أنه لما كان محتاجا إلى بيان معنى الإكراه و تحقيق أن المكره قاصد للفظ و المعنى معا لكنه فاقد للرضا، و هو غير قصد المعنى، بخلاف الهازل فإنه غير قاصد للمعنى، أخرنا بيانه إلى مسألة الإكراه و الاختيار الاتي في الشرائط العامة إن شاء الله تعالى [2]. و بالجملة: القصد للفظ و المعنى شرط في صحة العقود بالمعنى الأعم، بل في عقديته، و هذا أحد وجهي قولهم: العقود تابعة للقصود.
و ثانيها [3]: أن العقد تابع للقصد في أركانه و لوازمه و أحكامه
، بمعنى أنه ما لم يقصد شيء منها لم يقع. كما أن أصل العقد لا يتحقق إلا بقصد الإيجاب و القبول، و معناهما كذلك لا يصح إلا بقصد متعلقه من العوض و المعوض و الموجب و القابل، بمعنى أنه لا بد في العقد من قصد المبيع و الثمن في البيع، و الزوجين في النكاح و نظائر ذلك و من قصد المخاطب بالخطاب، فلا يمكن قصد بيع مطلق بعوض مطلق و إن عين بعد ذلك. و كذا لا يصح لو قال: (بعت) و لم يقصد مخاطبا معينا هو القابل و إن قال بعد ذلك أحد: (قبلت). كما لا يصح لو لم يقصد القابل بقوله ذلك الإيجاب الصادر من الرجل المعين، فلو سمع قائلا يقول: (بعت) فقال: (قبلت) لم يصح و إن صادف الواقع
[2] العبارة بعد قوله: «و لم يتخلص عنه» إلى آخر الفقرة في «م» كما يلي: و يندفع بأنّ المكره قاصد للّفظ و المعنى معا، لكنّه فاقد للرضا، و هو غير قصد المعنى، بخلاف الهازل فإنّه غير قاصد للمعنى، و سيأتي تفصيل ذلك في عنوان الإكراه و الاختيار من عناوين الشرائط العامّة إن شاء اللّه.