صدور مثل هذا العقد الخارج عن طريقة العقلاء في تلك الحالة يكشف عن زوال العقل التام عنه في تلك الحالة في كمال البعد. أما أولا: فلأن نقصان العقل و تمامه في آن واحد مما هو خارج عن المعتاد، بل هو من المحالات عادة. و أما ثانيا: فلأن المفروض عدم تغيير [1] فيه يوجب نقصان عقله و تمامه، بل هو على حاله الأول. و أما ثالثا: فلأن الغرض إذا تعلق بصدور فعل من الإنسان غير ملائم لفعل العقلاء فلا يخرج الإنسان عن كونه عاقلا، لأنا نرى أن الناس يتعمدون الإتيان بأفعال المجانين، بل أفعال البهائم، و مع ذلك هم عقلاء ممتازون بالعقل، فكذا في ما نحن فيه، و ليس تعلق غرض ما مخرجا عن السفهية، إذ لا ريب أن صدور الفعل من دون ملاحظة غاية ممتنع عن الفاعل المختار، بل المخرج عن السفهية ملاحظة غاية معتد بها عند العقلاء، أما ملاحظة غاية لا يعتنى بها فلا يخرج الفعل عن السفهية، فيمكن ملاحظة غاية غير معتد بها و صدور الفعل لأجلها تعمدا في ذلك، و هذا غير قادح في العقل و الرشد، فتدبر. و بالجملة: فالمسألة واضحة، فحاصل المراد من المعاملة السفهية: كونه على نحو لا يعتد به العقلاء و ينبغي صدوره عن السفهاء [2].
الثاني [3] أن السفهية و إن فرض [4] في كلام الشهيد (رحمه الله) و غيره في البيع، لكنه لا [يختص به]
[2] العبارة لا تخلو عن مسامحات، فلذا غيّرها مصحّح «م» بما يلي: كونها على نحو لا يعتدّ به العقلاء و شأنها أن تصدر من السفهاء.
[3] أي: المقام الثاني من المقامات الثلاثة، تقدّم أوّلها في ص: 366.
[4] من هنا إلى آخر العنوان كما ترى العبارة لا تخلو عن مسامحات أدبيّة، و قد غيّرها مصحّح «م» تغييرا فاحشا، و لا حاجة إليه بعد وضوح المراد؛ و نحن رجّحنا إثبات ما في أصول النسخ إلّا ما كان غلطا بيّنا نشأ من سهو القلم أو من اشتباه النسّاخ. و في العناوين الآتية أيضا ننهج هذا المنهج تحفظا- بحسب الإمكان- لما جرى على قلم المؤلّف (قدّس سرّه) و تحرّز عمّا لا طائل تحته؛ و لا نشير أيضا إلى الاختلافات بين نسخة «م» و سائر النسخ إلّا فيما لا بدّ منها.