و من ذلك ظهر: أن قاعدة نفي السبيل من مبطلات العقود في بعض فروعها و إن كان لها فروع آخر، و بهذا الاعتبار أدرجناها في المبطلات. و ثانيها: بيان ما يمكن أن يكون مستندا لهذه القاعدة، و الوجه في ذلك أمور: أحدها: الإجماع المحصل القطعي الحاصل من تتبع كلمة الأصحاب في المقامات التي ذكرناها في الباب، فإنهم متسالمون [1] على عدم وجود السبيل للكافر على المسلم و يرسلونه إرسال المسلمات من دون نكير، و هذا كاشف عن رضا الشرع بذلك و حكمه به. و ثانيها: الإجماعات المنقولة حد الاستفاضة، بل التواتر من الأصحاب كما لا يخفى على المتتبع المؤيدة بالشهرة العظيمة البالغة [2] حد الضرورة. و ثالثها: الاعتبار العقلي، فإن شرف الإسلام قاض بأن لا يكون صاحبه مقهورا تحت يد الكافر ما لم ينشأ السبب من نفسه، فإنه حينئذ أسقط احترام نفسه. و هذا و إن لم يكن في حد ذاته دليلا، لكنه مؤيد قوي مستند إلى فحوى ما ورد في الشرع. و رابعها: ما دل من الأدلة الخاصة في بعض الموارد، كباب النكاح، فإن النصوص قضت بعدم جواز تزويج المؤمنة للكافر [3]. و غير ذلك مما دل على اشتراط الإسلام في الولي على المسلم، فإن المستفاد منها: أن العلة في ذلك كله عدم رضا الشارع بتسلط الكافر على المسلم فيتسرى إلى سائر المقامات بتنقيح المناط، أو بالعلة المنصوصة المستفادة من كلام الشرع و إن كان من حيثية تعليق الحكم على الوصف. و أظن ورود التعليل صريحا في روايات النكاح، فينبغي الرجوع إليها [4]. و خامسها: الخبر المشهور في ألسنة الفقهاء المتلقى بالقبول بحيث يغني عن
[3] الأخبار الواردة لا تختصّ بعدم جواز تزويج المؤمنة بالكافر، بل أكثرها في عدم جواز تزويج المسلم للكافرة، انظر الوسائل 14: 410 أبواب ما يحرم بالكفر و نحوه.