و هذا الكلام له وجه تخريج، إلا أن الآية على المختار شاملة لكل عهد بظاهر لفظ العموم [1] و كلمة المفسرين، فينبغي [2] ارتكاب هذا الكلام في التكاليف أيضا بوجوب الوفاء بالأنواع الشائعة كالصلاة و حرمة الزنا و إن كان في أفرادها [3] النادرة، دون الأنواع النادرة، و هو خلاف ظاهر الآية و ظاهر أهل التفسير، بل ظاهرهم الإطباق على إرادة الحلال و الحرام مطلقا، فكذلك في العقود، فتدبر. فلا وجه لرمي الآية الشريفة بالإجمال كما يتراءى من بعض المتفقهة و لا حملها على الأنواع المتعارفة كما طفحت به كلمة طائفة من المدققين، و الله العالم.
و هنا إشكالات:
أحدها: أنه لا ريب في خروج كثير من العهود عن الآية
، لعدم لزوم الوفاء بها، سواء كان في الأحكام الإلهية، أو في العهود بين الناس، أو نحو ذلك، فاللازم على هذا إما ارتكاب تخصيص الأكثر، و هو غير جائز أو نادر. و إما حمل العموم على المعهود، و هو مخرج عن الدلالة على ما هو المراد من التمسك به في كل مشكوك، بل يختص إلى المتعارف [4] فردا أو نوعا. و الجواب عنه: أن المراد كما ذكرناه هو العموم الأفرادي، و لا ريب أن أفراد العقود الصحيحة أكثر وجودا من أفراد الفاسدة، و كذا أفراد الواجب في التكاليف أكثر وقوعا و ترك الحرام شائع تحققا، فالعهود اللازمة الوفاء أكثر أفرادا من غيرها. مضافا إلى أن استهجان تخصيص الأكثر إنما هو مع عدم بقاء كثرة يعتد بها، و هنا ليس كذلك، حتى لو أريد الأنواع [5] لأن الأنواع اللازمة الوفاء أيضا كثيرة، فتدبر.
و ثانيها: أن الحمل على العموم إنما هو مع عدم وجود قرينة على خلافه