و احتمال النفع يوجب حكم العقل برجحانه، فيكون رافعا للتشريع و ضرره، فتدبر، فإن المقام مزلقة للإقدام. و كم من فقهائنا المتأخرين منعوا [عن] [1] قاعدة التسامح في كثير من الفروع في العبادات لشبهة الحرمة، مع أنها ليست في تلك الموارد إلا تشريعية، و لم يلتفتوا إلى هذه الدقيقة، مع أن التشريع لو عارض قاعدة التسامح يلزم عدم إمكان الأخذ بها مطلقا، إذ احتمال التشريع قائم في جميع مواردها، و قد أوضحناه آنفا فراجع. و ثانيها [2]: الاحتياط الشرعي. بتقريب: أن الأخبار الكثيرة الدالة على الأخذ بالحائطة للدين [3] و العمل بأوثق الاحتمالات [4] كلها دالة على رجحان الإتيان به في هذه الصورة، و ظاهرها و إن كان الوجوب، لكنه منتف هنا قطعا، للقطع بعدم الوجوب هنا، أو للقطع بعدم وجوب الاحتياط في ما هو محتمل للندب، مضافا إلى أن مدلول أخبار الاحتياط: أن عند الشك يجب الأخذ بالاحتمال الأوثق، و فيما نحن فيه هو [5]، فيجب الأخذ بالندب، لا بمعنى وجوب إتيانه، فإنه مناف للندبية، بل بمعنى: لزوم الحكم بأنه مندوب لا مباح، و لا غائلة فيه. و ثالثها: الإجماع المنقول في كلام بعض الأصحاب و المعاصرين في العمل بقاعدة التسامح في الفرض المذكور، و هذه الأدلة شاملة للصور الخمسة.