ذلك فما المناص عن ذلك؟ و ما الذي يستفاد من الشرع في رفعه كلية أو بحسب المقامات؟ و هذا الذي ينفعنا في الفروع، و إلا فمجرد الحكم التكليفي لا ينبغي أن يبحث عنه، و هذا مما قد خفي على جماعة من فحول المتأخرين، لانقطاعهم عن مشرب أساطين الأصحاب بما استحسنوه و تخيلوه من الطريقة في الباب. قال الفاضل المعاصر في عوائده: نفي الضرر و الضرار إنما يصلح دليلا لنفي الحكم إذا كان موجبا للضرر، و أما إثبات حكم و تعيينه فلا، بل التعيين محتاج إلى دليل آخر، و من هذا يظهر فساد ما ارتكبه بعضهم من الحكم بضمان الضار و المتلف بحديث نفي الضرر، فإن عدم كون ما ارتكبه شرعيا لا يدل على الضمان و لا على الجبران مطلقا، كما قيل. نعم، لو قيل: إن معنى الخبر: (لا ضرر بلا جبران) دل على تحقق الجبران، و هو أيضا لا يثبت ضمان الضار، لإمكان الجبران من بيت المال أو في الآخرة أو في الدنيا من جانب الله سبحانه بأن يفعل ما ينتفع من استضر به بقدر ما استضر أو أزيد. نعم، إذا كان حكم بحيث يكون لولاه لحصل الضرر أي كان عدمه موجبا للضرر مطلقا و انحصر انتفاء الضرر بثبوت الحكم الفلاني، يحكم بثبوته بدليل نفي الضرر، و لكن الثبوت حينئذ ليس بنفي الضرر خاصة، بل به و بالانحصار بذلك [1]. و هذا الكلام من ذلك العلام من الغرابة بمقام! و لعله مبني على عدم التأمل التام. و إذا أردت التحقيق فاستمع لما يتلى عليك [مما ينجلي في النظر، مع قصوره و تقصيره، فنقول:.] [2] [اعلم: أنه] [3] لا ريب أن الضرر و الضرار- كما قررناه سابقا- لا يصدق فيما كان بإزائه [4] ما يقابله، فإذا حصل لا يعد ضررا.