الأستاذ أبي العباس البطرني وغيره من شيوخه ؛ وعرضت عليه كتاب التّقصّي لأحاديث الموطأ لابن عبد البر ، حذا به حذو كتابه التّمهيد [١] على الموطأ ، مقتصرا على الأحاديث فقط. ودارست عليه كتبا جمّة ، مثل كتاب التّسهيل لابن مالك [٢] ومختصر ابن الحاجب [٣] في الفقه ، ولم أكملهما بالحفظ ، وفي خلال ذلك تعلّمت صناعة العربية على والدي ، وعلى أستاذي تونس : منهم الشيخ أبو عبد الله بن
[١] كتاب التمهيد ، لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ، شرح على الموطأ ، رتبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم. بدار الكتب الظاهرية بدمشق ، وبدار الكتب المصرية أجزاء مخطوطة منه. وأما كتاب التقصي فقد طبعته مكتبة القدسي سنة ١٣٥٠ بالقاهرة.
[٢] أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي الجياني النحوي المشهور (٦٠٠ ـ ٦٧٢) وكتابه تسهيل الفوائد جمع ـ في إيجاز ـ قواعد النحو ، ولذلك عنى به أعلام النحو قراءة وشرحا وإقراء.
[٣] عثمان بن عمر بن يونس المعروف بابن الحاجب جمال الدين المصري (٥٧٠ ـ ٦٤٦). له مختصر في الفقه المالكي يسمّى المختصر الفقهي ، والفرعين والجامع بين الأمهات. أدخله إلى المغرب عبد الرحمن بن سليمان البجائي (المتوفى سنة ٧٧٣. أحمد بابا ص ١٦٨) وعنى بشرحه كثير من المغاربة ، كالقاضي ابن عبد السلام التونسي شيخ ابن خلدون ، وعيسى بن مسعود بن منصور المنكلاتي. وفي دار الكتب أجزاء من الشرحين معا. وشرحه من المصريين : الشيخ خليل المالكي وسمّى شرحه «التوضيح» ، وهو من مخطوطات دار الكتب أيضا. ولابن الحاجب مختصر آخر في أصول الفقه ، ويعرف عند القدماء بالمختصر الأصلي ، وهو اختصار لكتابه : «منتهى السول والأمل ، من علمى الأصول والجدل» ، وذكره ابن خلدون في آخر ترجمة الآبلى التي تأتى قريبا.
وقد تحدث ابن خلدون في آخر فصل الفقه من مقدمته عن مختصر ابن الحاجب الفقهي ، وعن تاريخ دخوله إلى المغرب ، وأثره في دراسة الفقه المالكي هنالك ، وعمن شرحه من علماء المغرب ، وعناية الفقهاء المغاربة به ـ بما لا يدع مجالا للريبة. (انظر رأيا يخالف هذا في فلسفة ابن خلدون الاجتماعية ص ١١ ، ١٢).