لما رجعت من قضاء الفرض سنة تسعين ، ومضيت على حالي من التدريس والتأليف ، وتعاهد السّلطان باللقاء والتحية والدعاء ، وهو ينظر إليّ بعين الشفقة ، ويحسن المواعيد ، وكانت بالقاهرة خانقاه شيّدها السّلطان بيبرس ، ثامن ملوك الترك [٢] الذي استبدّ على الناصر محمد بن قلاوون [٣] هو ورفيقه سلار [٤] وأنف الناصر من استبدادهما ، وخرج للصيد ، فلمّا حاذى الكرك [٥] امتنع به ، وتركهم وشأنهم ، [٦] فجلس بيبرس على التّخت مكانه ، وكاتب الناصر أمراء الشام من مماليك أبيه ، واستدعوه للقيام معه ، وزحف بهم إلى مصر ، وعاد إلى سلطانه ، وقتل بيبرس وسلار سنة ثمان وسبعمائة. [٧] وشيّد بيبرس هذا أيام
[١] في الخطط للمقريري طبع مصر ٤ / ٢٧٦ وما بعدها ، حديث مفصل عن هذه الخانقاه ، وعن بانيها الملك المظفر ركن الدين بيبرس. وانظر تاريخ ابن إياس ١ / ١٤٩ ـ ١٥٣.
[٢] في تاريخ ابن إياس ١ / ١٤٩ ، أنه الثاني عشر من ملوك الترك.
[٣] هو الملك الناصر محمد بن الملك المنصور ابن قلاوون تولى الملك ثلاث مرات كانت الأخيرة منها في سنة ٧٠٩ ، وبقي ملكا حتى مات سنة ٧٤١ ، وعمره ٥٨ سنة. وانظر الخطط طبع مصر ٤ / ٩٨ ـ ١٠٢.
[٤] الأمير سيف الدين سلار المنصوري ، كان من أسرى التتار ، فخلص وصار مولى لعلاء الدين على ابن المنصور بن قلاوون ، وإليه ينتسب ؛ ساءت علاقته بالناصر ، فاعتقله ، واستصفى أمواله وقتله.
وانظر العبر ٥ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥.
[٥] بفتح أوله وثانيه : El Kerak) عرضها الشمالي ٣١ ـ ٧ ، وطولها الشرقي ٣٥ ـ ٢٧) ، قلعة حصينة تقع في المملكة الأردنية الهاشمية على الشاطئ الشرقي للبحر الميت. وانظر ياقوت ٧ / ٢٤٠ ، تاج العروس (كرك).