المعروف بالأهرام وعددها ثمانية عشر هرما ؛ منها ثلاثة بالجيزة مقابل الفسطاط. ولما فتح المأمون أحدها انتهى إلى حوض مغطّى بلوح من رخام مملوء من ذهب ، واللوح مكتوب فيه أسطر ، فطلب من يقرؤها ، فإذا فيه : «إنّا عمرنا هذا الهرم في ألف يوم ، وأبحنا لمن يهدمه في ألفي يوم ؛ والهدم أسهل من العمارة ، وجعلنا في كلّ جهة من جهاته من المال بقدر ما يصرف على الوصول إليه ، لا يزيد ولا ينقص».
وعند مدينة فرعون يوسف هرم دوره ثلاثة آلاف ذراع ، وعلوّه سبعمائة ذراع.
وعند مدينة فرعون أهرام آخر أحدها يعرف بهرم ميدوم ؛ كأنّه جبل ، وهو خمس طبقات ، والطبقة العليا كأنّها قلعة على جبل.
وقال الزمخشريّ : الهرمان بالجيزة على فرسخين من الفسطاط ، كلّ واحد أربعمائة ذراع عرضا ، والأساس زائد على جريب [١] مبنيّ بالحجارة المرمر ، وهي منقولة من مسافة أربعين فرسخا ، من موضع يعرف بذات الحمام ، فوق الإسكندرية ، ولا يزالان ينخرطان في الهوى حتّى يرجع مقداره إلى مقدار خمسة أشبار في خمسة ، وليس على وجه الأرض بناء أرفع منهما منقور فيها بالمسند سحر وطلسم وطبّ ، وفيه : «إنّي بنيتهما ، فمن ادّعى قوّة في ملكه فليهدمهما ، فإنّ خراج الأرض لا يفي بهدمها».
وقالوا : لا يعرف من بناهما.
وقال المسعوديّ : طول كلّ واحد وعرضه أربعمائة ذراع ، وأساسهما في الأرض مثل طولهما في العلوّ ، وكلّ هرم منها سبعة بيوت ، على عدد السبع الكواكب السيارة ، كلّ بيت منها باسم كوكب ورسمه ، وجعل في جانب كلّ بيت منها صنم من ذهب مجوّف ، وإحدى يديه موضوعة على فيه ، في جبهته كتابة كاهنيّة ، إذا قرئت فتح فاه ، وخرج من فيه مفتاح ذلك القفل ، ولتلك الأصنام قوانين وبخورات ، ولها أرواح موكّلة بها ، مسخّرة لحفظ تلك البيوت والأصنام وما فيها من التماثيل والعلوم والعجائب والجواهر والأموال ، وكلّ هرم فيه ملك وطاوس من الحجارة مطبق عليه ، ومعه صحيفة
[١] الجريب من الأرض مبذر الجريب الذي هو المكيال المؤلف من أربعة أقفزة. [مختار الصحاح].