وذكر ابن قتيبة ، أنّ العرب تقول لكلّ مدينة فسطاط ، ولذلك قيل لمصر : فسطاط. وقفل عمرو بن العاص من الإسكندريّة بعد افتتاحها والمقام بها في ذي القعدة سنة عشرين.
قال الليث : أقام عمرو بالإسكندرية في حصارها وفتحها ستّة أشهر ، ثمّ انتقل إلى الفسطاط ، فاتخذها دارا. انتهى كلام القضاعي بحروفه ;.
ذكر الخطط
أخرج ابن عبد الحكم ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أن عمرو بن العاص لمّا فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناها مفروغا منها ، همّ أن يسكنها ، وقال : مساكن قد كفيناها ، فكتب إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنه يستأذنه في ذلك ؛ فسأل عمر الرسول : هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، إذا جرى النيل. فكتب عمر إلى عمرو : إنّي لا أحبّ أن تنزل المسلمين منزلا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف. فتحوّل عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط.
وأخرج ابن عبد الحكم ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أنّ عمر بن الخطاب ، كتب إلى سعد بن أبي وقّاص ، وهو نازل بمدائن [١] كسرى ، وإلى عامله بالبصرة وإلى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية ؛ ألّا تجعلوا بيني وبينكم ماء ، متى أردت أن أركب إليكم راحلتي حتّى أقدم عليكم قدمت. فتحوّل سعد من مدائن كسرى إلى الكوفة ، وتحوّل صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه ، فنزل البصرة ، وتحوّل عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط.
قال ابن عبد الحكم : وحدّثنا أبي وسعيد بن عفير ، أنّ عمرو بن العاص لما أراد التوجّه إلى الإسكندرية لقتال من بها من الرّوم أمر بنزع فسطاطه ، فإذا فيه يمام قد فرّخ ، فقال : لقد تحرّم منّا بمتحرّم ، فأمر به فأقرّه كما هو ، وأوصى به صاحب القصر ، فلمّا قفل المسلمون من الإسكندريّة ، وقالوا : أين ننزل؟ قال : الفسطاط ـ لفسطاطه الذي كان خلّفه ، ـ وكان مضروبا في موضع الدار التي تعرف اليوم بدار الحصى.
[١] في معجم البلدان : المدائن : كانت تسمّى عند الفرس طيسفون ، وهي بليدة شبيهة بالقرية ، بينها وبين بغداد ستة فراسخ.