ومن أدلّة الكفاية قوله سبحانه : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ، فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ)[١] فجعل تعالى طائفة للجهاد وأخرى لغيره من الأعمال ، ومنها قوله عزوجل : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ)[٢] ثم قال سبحانه : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى)[٣] ففرّق بين الحسنيين وباين بين المثلين ، فمن حيث المفاضلة في الأجر فهمت صورة الكفاية ، كما فهم من تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة جواز صلاة الفرد [٤] ، ولا يعلم لرسول الله ـ 6 ـ غزوة خرج فيها إلا وقد تخلّف عنه فيها رجال ، وكذلك تخلّف رسول الله ـ 6ـ عن سرايا أخرجها ، ثبت عنه أنه قال : «لو لا أن أشقّ على أمتي لأحببت أن لا أتخلّف خلف سريّة تخرج في سبيل الله ولكن لا أجد ما أحملهم عليه / [س ٢٣] ولا يجدون ما يتحمّلون عليه فيخرجون ويشقّ عليهم أن يتخلّفوا بعدي ، فلوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثمّ أحيا ثمّ أقتل ثمّ أحيا ثمّ أقتل ثمّ أحيا [٥].
[٢] سورة النساء ٤ / ٩٥ والآية بتمامها : «لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ، وفضّل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما».
[٤] قال رسول الله 6 : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ـ صحيح البخاري ، كتاب الأذان. برقم ٦٠٩ وصحيح مسلم : كتاب المساجد ومواضعه برقم : ١٠٣٨.
[٥] الحديث في الموطّا : كتاب الجهاد : باب الترغيب في الجهاد ٢ : ٤٠ ص ٤٦٥ مع خلاف في بعض الألفاظ وأخرجه البخاري في ٥٦ ـ كتاب الجهاد ، ١١٩ باب الحبائل والحملان ومسلم في ٣٣ كتاب الإمارة و ٢٨ باب فضائل الجهاد والخروج في سبيل الله برقم : ١٠٣ ، ١٠٦.