النكال الشديد ، والهول المذيب للحديد ، وسيم أنواع البلاء في ليله ونهاره [١] ، وحمّل من ثقل السطوة به ما لعلّه يخفف من أوزاره [٢].
ومن جملة ما طرأ له في هذه الأيام أن حمل إلى أحد معاقل الجزيرة وأهله به ممتنعون ، وللذب عن حماه مجتمعون ، فأمر أن يكلّمهم في النزول والتسليم ، وأطمع أن يخفّف عنه من العذاب الأليم ، فدعاهم فما لبّوه ، وأمرهم بالانقياد فعصوه. فأحضر النصارى له ولدا سنّة ستة عشر عاما ، ضربوا بين يديه عنقه تنكيلا له وإرغاما ، ثم أحضروا آخر ليقتلوه فتنصّر ، وبذلك كفّ عنه قاتله وأقصر.
ثم إنه ردّ إلى البلد ، وأبقي في العذاب الذي لا بقاء عليه للجلد ، فما بضّ [٣] لهم بقطرة من البحار المظنونة [٤] ، ولا أباحهم ما قيل من الأموال المصونة ، فقضى العجب من أمره ، وتحدّث من شاهده بجميل صبره ، ومات
[٢] وهو عكس ما تدّعيه بعض المصادر المسيحية بان الملك خايمي الأول تقبّل استسلام أبي يحيى التنملي بكل مراسيم التكريم في قاعة القصر الكبرى بالمدينة ، وقد أمّنه على حياته ، ووعد بإطلاق سراحه وكلّف اثنين من النبلاء بمرافقته.
ClementsMarkham. The Story of MajorcaandMinorca;p ٤٣.
هو ادعاء عار من الصحة كذبته إلى جانب الرواية الإسلامية بعض المصادر المسيحية نفسها وفي مقدمتها ألبار وكامبانير ، تخطيط تاريخي لجزر البليار ، ص ١٨٨.
[٣] بضّ الشيء : سال. وبض الحسي وهو يبض بضيضا إذا جعل ماؤه يخرج قليلا. وبضت العين : دمعت. ويقال للرجل إذا نعت بالصبر على المصيبة : ما تبض عينه. وبض الماء سال قليلا قليلا. وبض الحجر ونحوه يبض : نشغ منه الماء شبه العرق. وفي المثل : فلان لا يبض حجره أي لا ينال منه خير ، يضرب للبخيل. لسان العرب ، ج ٧ ، ص ١١٨.
[٤] استعارة مكنية شبّه فيها المؤلف الأموال والكنوز التي كان يظن النصارى أنها في خزائن الوالي بالبحار.