وزيره أنيس الفاتكي ، وكان جبارا غشوما مهيبا شجاعا كانت له مع العرب عدّة وقعات ، تحاموا تهامة لهولها ، ثم أنه طغى وتكبّر وشمخ بأنفه ، وضرب السّكة بإسمه ، وركب بالمظلة ، وهمّ بقتل مولاه منصور بن فاتك ، فلما تحقّق ذلك عنه عمل منصور وليمة في قصره ودعاه إليها مع وجوه دولته ، ثم قتله وصادر أمواله ، ومن جواريه الحرة علم أبتاعها منصور من ذريته ، واستولدها فاتك بن منصور بن فاتك ، ورث الملك بعد ابيه ، وكانت الحرة علم عاقلة كاملة فاضلة قد رزقت من التّوفيق والسّداد والخبر ما يتجاوز حد الواصف كانت كثيرة الحج والصدقة ، تحج بأهل اليمن برّا وبحرا هكذا روى الخزرجي [١] والربيع [٢] ، وقال الجندي : أنها كانت تجهز الحاج بالخفارة والزّاد من زبيد إلى مكة ، فيأمن الأخطار ، والمكوس ، وكان فيها من تسديد الملك بحيث وكّل إليها سيدها منصور تدبير الملك ، فكان لا يقطع هو ولا أحد من أهل دولته أمرا دون مراجعتها ، وكانت تكرم الفقهاء والعبّاد وتحترمهم ، وهي التي اسقطت خراج أرض علي بن مهدي لما بلغها عنه من النّسك والعبادة وببركتها أثرى وتموّل ، وفي الخزرجي [٣] ان قتل أنيس الفاتكي سنة ٥١٧ ، وفي قرة العيون [٤] سنة ٥١٠.
ثم استوزر منصور منّ الله الفاتكي ، وكان من أكابر الوزراء وأعيانهم شجاعا كريما جوادا متلافا ، آزر الشّعراء بالعظيم من عونه ، وزوّدهم بالجليل من سيبه [٥] فأثنوا عليه الخير كله ، قال الخزرجي [٦] نقلا عن الفقيه محمد بن