من التجار ، وأهل اليسار ، قد تفرّقوا أيدي سبا وذهبوا تحت كل كوكب ، فجعل ابن الضحاك على من بقي من تجارها ضريبة المكس [١] فنفروا من البلدة وتركوها (أقفر من جوف حمار [٢] فأرسلت بنو سعد إلى ابن الضحاك انك قد أحدثت في البلد [٣] أحداثا واجتمعوا إلى القاسم المختار ، فنهض بهم ، وبمن أجابه من شاكر وأهل نجران ، وبلغ الأكيليين وابن الضّحاك حركة القاسم ، فخرجوا من البلد وصاروا إلى علاف ، ومعهم الحسن وصار القاسم المختار إلى «الغيل» فاتفقوا على قصد المختار إلى الغيل ، فخرج القاسم ، بمن معه ، وكانت الحرب بينهم ، فقتل جماعة من أصحاب ابن الضحاك ، وانهزم الباقون إلى علاف ، وأسر منهم جماعة ، فمنّ عليهم المختار ، وردّهم إلى ابن الضحاك ولم يزل ابن الضحاك بعلاف ينتظر اجتماع عشائره لاستئناف القتال حتى بلغه وفاة ولده قيس بن احمد ، وكان قد استخلفه على ريدة فترك علاف وعاد إلى ريدة.
واعتل الحسن بن أحمد بعلاف ، ومات يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ٣٢٧. ودفن بعلاف ، وثبت القاسم المختار إلى شهر ربيع الآخر فاستنهض الاكيليون إبن الضحاك ، فخرج معهم إلى علاف ، وكاتب بني سعد ، ثم نهض فحاربه اليرسميون ، وقتل منهم ودخل شق يرسم مخربه ، ومالت بنو سعد عن القاسم ، فخرج عنهم وصار اخوه يحيى بن احمد إلى الغيل ، فلزمه ، وانصرف ابن الضحاك الى ريدة ، وعاد الأكيليون إلى علاف ، فأقام يحيى بن احمد في الغيل ، ولم يعد إليه أحد من
[١] المكس : هو ما يأخذه اعوان السلطان ظلما عند البيع والشراء وانشد :
وفي كل أسواق العراق اتاوة
وفي كل ما باع امرء مكس
وفي الحديث لا يدخل صاحب مكس الجنة.
[٢] يقال في الأمثال اخلى من جوف حمار لأنه اذا اصيب الحمار الوحشي لم ينتفع بما في جوفه ولكن يرمي به انظر «الحيوان في الأدب العربي» ج ١ ص ٣٠٦.