سمعوا ذلك وقالوا : الموت أسهل علينا من ذلك ، فبلغ الترجمان يزيد ذلك فلما سمع جوابهم رجع وأخبر بما أجيب وقال لقومه : ما اصطبارنا عن القتال فقالوا : أن الأمير أبا عبيدة ما أمرنا بقتال القوم بل بالنزول عليهم حينئذ كتبوا إليه يعرفونه بذلك فأجابهم أبو عبيدة يأمرهم بالهجوم على المدينة وأنه قادم فى أثر الكتاب ففرحت الجيوش بهذا الخبر واستعدوا إلى النزال وفى اليوم الثانى نهضوا للحرب فأول من برز للقتال بنو حمير ورجال اليمن فنظر إليهم أهل بيت المقدس وتلقوهم بالنبال وكان المسلمون يتلقونها بدرقهم واشتدّت الحرب من الصباح إلى المساء فلما أظلم الظلام رجع كل فريق إلى مركزه.

وفى صباح اليوم الثانى تقدم المسلمون للحرب وأنتشب القتال وكانت حرب عظيمة دامت إلى اليوم العاشر وفى اليوم الحادى عشر أشرفت رأية أبى عبيدة يحملها غلامه سالم فلما وصل إلى المعسكر ضجّت الجيوش ضجيج الفرح والسرور بقدوم قائد جيوشهم فوقع الرعب فى قلوب أهل بيت المقدس وذهبوا إلى كنيسة القيامة وأخبروا البطريرك بذلك فتقدم البطريرك والقسوس وكانوا يشجعون قومهم وكان الحرب فى الشتاء فدام أربعة أشهر كاملة وأبو عبيدة بجيوشه يحاصر المدينة وما من يوم إلا ويقاتل قتالا شديدا فلما طال الحصار على المدينة ضجر الرومان من الحرب وتقدموا إلى القائد الذى كان يدير الجيوش وقالوا له : لقد طال الأمر علينا ولم يأتنا إسعاف من مكان وربما أشتغل الملك هر قل عنا بالدفاع عن نفسه فالأولى محاسنة العرب فإن كان ما يطلبونه منا سهلا وافقناهم عليه ونجونا من الهلاك وإن كان صعبا فتحنا أبواب المدينة وخرجنا إليهم فأما أن نقتل عن أخرنا وأما نهزمهم عنا فأجابهم القائد إلى