[ولما مات سلطان بن سيف وقع الاختلاف بين][١] رؤوس القبائل الذين في قلوبهم العصبة والحمية ، وأرادو أن يكون مكانه ولده سيف ، وهو صغير لم يراهق ، وأراد أهل العلم أن يكون الإمام المهنا بن سلطان بن ماجد بن مبارك ، وهو الذى تزوج بنت الإمام سيف ، أخت سلطان هذا إذ هو فيما عندهم أنه أهل ذلك ، وأنه ذو قوة عليها ، ولم يعرفوا منه ما يخرجه من الولاية. ولم تجر الإمامة للصبي على حال ، كما لا تجوز إمامته للصلاة. فكيف يكون إمام مصر يتولى [٢] الأحكام ، ويلي الأمور والدماء والفروج؟ ولا يجوز أن يقبض ماله ، فكيف يجوز أن يقبض مال الله ومال الأيتام والأغياب ومن لا يملك أمره؟
فلما رأى الشيخ عدي بن سليمان الذهلي ـ القاضي [٣] ـ ميل الناس إلى ولد الإمام ولم يجد رخصة ليتبعهم على ذلك ، وخاف [م ٣٧٥] أن تقع الفتنة لاجتماع الناس على الباطل ، وربما أشهروا السلاح ووقع بعض الجراح. فأراد تسكينهم ، وتفرق إجماعهم ، فقال لهم : «أمامكم سيف بن سلطان بفتح الألف والميم الثانية ، من أمامكم يعني قدامكم ، ولم يقل» إمامكم «بكسر الألف وضم الميم الثانية ، الذي يكون بذلك الملك والسلطان القائم بالإمامة ، قال ذلك على معنى المندوحة [٤] فعند ذلك نادوا له بالإمامة»
[٢] في الأصل (يتولا) والمصر هو البلد أو القطر وجمعه أمصار
[٣] العبارة في الأصل بها خلط وتحريف ، نصها (فلما رأى الشيخ عدى بن سليمان أن راشد الذهلى القاضى ميل الناس ...) والصيغة المثبتة من تحفة الأعيان للسالمي (ج ٢ ص ١١٥) والفتح المبين لابن رزيق (ص ٣٠١)
[٤] الندح : السعة والفسحة ، وإنك لفي ندحة من الأمر ومندوحة منه أي سعة. والمقصود أنه قال ذلك على سبيل النعميم والتجاوز (لسان العرب)