وأمر ببناء القبة على صخرة بيت المقدس [١] ، وبعث الكتب في جميع عمله وسائر [٢] الأنصار أن عبد الملك قد أراد أن يبني قبة على صخرة بيت المقدس تقي المسلمين من الحر والبرد ، وأن يبني المسجد وكره أن يفعل ذلك دون رأي رعيته [٣] ، فلتكتب الرعية إليه برأيهم وما هم عليه.
فوردت الكتب عليه من سائر الأمصار : نرى أمير المؤمنين رأيه [٤] موفقا [٥] رشيدا ، إن شاء الله ، يتم له ما نوى من بناء بيته وصخرته ومسجده ويجري ذلك على يديه ويجعله تكرمة [٦] له ولمن مضى من سلفه [٧].
فجمع الصناع لعمله [٨] ، وأرصد للعمارة مالا كثيرا يقال : إنه خراج مصر سبع سنين [٩] ووضعه بالقبة الكائنة أمام الصخرة من جهة الشرق بعد أن أمر ببنائها وهي من جهة الزيتون ، وجعلها حاصلا وشحنها بالأموال ، ووكل على صرف المال في عمارة المسجد والقبة وما يحتاج إليه أبا المقدام رجاء بن حيوة [١٠] بن جرول الكندي [١١]. وكان من العلماء الأعلام ومن جلساء عمر بن عبد العزيز ، رضياللهعنه ، وضم إليه رجلا يدعى يزيد بن سلام [١٢] ، مولى عبد الملك بن مروان من أهل بيت المقدس وولديه ، ويقال : إن عبد الملك وصف ما يختاره من عمارة القبة وتكوينها للصناع ، فصنعوا له وهو ببيت المقدس القبة الصغيرة التي هي شرقي قبة الصخرة التي يقال لها قبة السلسلة [١٣] فأعجبه تكوينها وأمر ببنائها كهيئتها.
[١] على صخرة بيت المقدس أ : على الصخرة الشريفة ب ج ه : ـ د / / وبعث أ ج ه : بعث ب : ـ د.
[٣] في مثير الغرام : «أن عبد الملك بن مروان حين هم ببناء صخرة بيت المقدس والمسجد ، قدم من دمشق إلى بيت المقدس ، وبث الكتب في جميع عمله إلى جميع الأمصار : إن عبد الملك قد أراد أن يبني قبة بيت المقدس تكف المسلمين من الحر والبرد وكره أن يفعل ذلك دون رأي رعيته فلتكتب الرعية إليه برأيهم وما هم عليه». ينظر : المقدسي ، مثير ١٧١ ـ ١٧٢.
[٤] نرى أمير المؤمنين رأيه أ ج ه : نرى رأي أمير المؤمنين ب : ـ د.
[١٠] ابن حيوة أ : بن حياة ب ج ه : ـ د / / ابن جرول أ ج ه : بن جود ب : ـ د.
[١١] رجاء بن حيوة : مولى كندة ، يكنى أبا المقدام ، شيخ أهل الشام في عصره ، توفي سنة ١١٢ ه / ٧٣٠ م ، ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٦٦ ؛ ابن سعد ٧ / ٣٣٦ ؛ الجابي ٢٦٧.