بالراجع إلى الله ، وكان صالحا فلم يعتن [١] بالخلافة ولا باشرها ، وأقام ثلاثة أشهر وقيل دون ذلك ، وتوفي رحمه الله ، وكان الناس حين موت يزيد بايعوا عبد الله بن الزبير بمكة ، وتلقب [٢] خادم بيت الله ، وكان مروان بن الحكم بالمدينة فقصد المسير إلى عبد الله بن الزبير ومبايعته ، ثم توجه مع من توجه من بني أمية إلى الشام.
وبايع أهل البصرة ابن الزبير واجتمع له العراق والحجاز [٣] واليمن ، وبعث إلى مصر فبايعه أهلها ، وبايع له في الشام نمر الضحاك بن قيس [٤] ، وبايع له بحمص النعمان بن بشير الأنصاري [٥] ، وبايع له بقنسرين [٦] ذفر بن الحارث الكلابي (٧)(٨) ، وكاد يتم له الأمر بالكلية.
وشرع ابن الزبير في بناء الكعبة شرفها الله تعالى ، وكان ذلك في سنة ٦٤ من الهجرة [٩] الشريفة وكانت حيطانها قد مالت من ضرب المنجنيق ، فهدمها وحفر أساسها وشهد عنده سبعون من شيوخ قريش وذلك أن قريشا حين بنوا الكعبة عجزت نفقتهم ، فنقصوا من سعة بناء [١٠] البيت سبعة أذرع من أساس إبراهيم الخليل ، 7 ، الذي أسسه هو وإسماعيل ، 7 ، فبناه عبد الله بن الزبير وزاد فيه السبعة أذرع ، وأدخل الحجر في الكعبة ، وأعادها على ما كانت عليه أولا ، وجعل لها بابين باب يدخل منه [١١] وباب يخرج منه. فلم يزل البيت على ذلك حتى قتل الحجاج ابن الزبير كما سنذكره ، إن شاء الله تعالى.
فلما مات معاوية بن يزيد بالشام ، بويع بالخلافة لمروان بن الحكم ولقب
[٣] واجتمع له العراق والحجاز أ ج ه : واجتمع له الحجاز والعراق ب : ـ د.
[٤] ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ١٩٩ ؛ القلقشندي ، مآثر ١ / ١٢١ ؛ السيوطي ، تاريخ ٢٥١.
[٥] النعمان بن بشير الأنصاري : أبو عبد الله ، نزل الكوفة فكان يليها لمعاوية ، ثم ولي قضاء دمشق ، وقيل : حمص ، قتله خالد الكلاعي بعد وقعة المرج براهط وكان عاملا لابن الزبير على حمص ، ينظر : ابن حبان ، تاريخ ٢٤٨.
[٦] قنسرين : مدينة بينها وبين حلب مرحلة ، كانت عامرة بأهلها ولم يبق بها إلا خان لنزول القوافل ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٢٦٧ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١١٢٦ ؛ الحميري ٤٧٣.