وأصل المعنى فيما أحفظ : ما أنشده مروان يوم وثب على الملك بعد معاوية بن يزيد ، وهو [كما في «الطبقات الكبرى» ٤ / ١٦٩ من البسيط] :
إنّي أرى فتنة تغلي مراجلها
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
وأرض ميفع صالحة للزّراعة لكثرة مائها وحسن تربتها ، فهي مظنّة ارتفاع هائل ، إلّا أنّها موبوءة [٣] ، قلّ من أقام بها إلّا زارته الحمّى من دون حياء ، ثمّ لم تفارقه حتّى تورده شعوب [٤] ، ولكن ما أظنّه يصعب مع تقدّم الطّبّ في الأيّام الأخيرة أن يعالج هواؤها حتّى يصحّ ، فتنبعث نيّة السّلطان لعمارتها ، حتّى يتوفّر على الخزينة ربح عظيم ، ومال كثير تنتعش به البلاد وينتفع به العباد ، إن لم يؤل الأمر إلى مثل قول الرّصافيّ [من مجزوء الرّمل]
هو ملك مشرق
يّ الضّرع غربيّ الملابن
[١] المعنى : إذا بلغوا في أسفارهم منازل قوم لم يكن بينهم وبين سكانها مودّة .. أجازتهم رماحهم فلم يخافوا أهل النّاحية. ثمّ قال : وأن تخاف خير من أن تحبّ ؛ لأنّ من أطاعك خوفا منك .. كان أبلغ من أن يطيعك بالمودّة. والله أعلم.
[٢] المعنى : من كان ولد الشّجعان ، وكان جدوده كالأسود الّتي تعوّدت أكل اللّحوم .. يكن اللّيل له نهارا ؛ لأنّه لا تعوقه الظّلمة عن إدراك ما يريد ، وكان مطعمه ممّا يغصب من الأعداء ، فهو يركب اللّيل لقضاء حاجته.
[٣] تحدّث عن وباء ميفع صاحب «الشّامل» ص (٧٥) فقال : (وفي ميفعة مستنقعات ، كثر من أجلها البعوض ، وكانت العرب تقول : إنه عشّ الحمّى ، وقد صدّق قولهم أهل علم الطّبّ الحديث ؛ فإنّه يوجد منه جنس يتسبّب عن قرصه الحمّى الصفراويّة ، ويقال لها : (الملاريا) ، وهذه الحمّى منتشرة بميفع وبحجر وبوادي ساه ، وبعض الغياض. وقد قلّ سكّان ميفع لوبائها ووخمها ..) اه